للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على أن هذه العمرة التي وقع السؤال عنها، وكانت عمرة فسخ، هي لأبد الأبد، لا تختص بقرن دون قرن (١).

ثانياً: أن فسخ الحج إلى عمرة ليتمتع بها، هو من باب الانتقال من الأدنى من الأعلى، وهو جائز، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من نذر أن يصلي ركعتين في بيت المقدس أن يصليها في الحرم، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، ((أن رجلا، قام يوم الفتح، فقال: يا رسول الله، إني نذرت لله إن فتح الله عليك مكة، أن أصلي في بيت المقدس ركعتين، قال: صل هاهنا، ثم أعاد عليه، فقال: صل هاهنا، ثم أعاد عليه، فقال: شأنك إذن)).

مسألة:

لا خلاف بين العلماء أنه لا يجوز فسخ الحج إلى عمرة مفردة لا يأتي بعدها بالحج (٢).

المطلب الرابع: شروط المتمتع

الفرع الأول: ما يشترط للتمتع

الشرط الأول: الإحرام بالعمرة في أشهر الحج

يشترط للتمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج.

الأدلة:

أولاً: الإجماع:

نقله ابن حزم (٣)، وابن عبدالبر (٤)، وابن قدامة (٥)، وابن أخيه ابن أبي عمر (٦).

ثانياً: أن شهور الحج أحق بالحج من العمرة؛ لأن العمرة جائزة في السنة كلها والحج إنما موضعه شهور معلومة، فإذا جعل أحد العمرة في أشهر الحج ولم يأت في ذلك العام بحج فقد جعلها في موضع كان الحج أولى به (٧).

ثالثاً: أنه لم يجمع بين النسكين في أشهر الحج، فلم تحصل صورة التمتع، فهو كالمفرد (٨).

الشرط الثاني: أن يحج من عامه

أن يحرم بالحج في عامه، فإن اعتمر في أشهر الحج فلم يحج ذلك العام، بل حج في العام القابل فليس بمتمتع.

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال الله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ [البقرة: ١٩٦].

وجه الدلالة:

أن هذا يقتضي الموالاة بين العمرة والحج (٩).

ثانياً: عن سعيد ابن المسيب قال: ((كان أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم يعتمرون في أشهر الحج، فإذا لم يحجوا من عامهم ذلك لم يهدوا)) (١٠).

ثالثاً: الإجماع:


(١) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٥٩/ ٢١٨).
(٢) قال ابن تيمية: (فأما الفسخ بعمرة مجردة فلا يجوزه أحد من العلماء) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٢٦/ ٢٨٠) وقال قال ابن القيم: (فإنه لو أراد أن يفسخ الحج إلى عمرة مفردة، لم يجز بلا نزاع) ((زاد المعاد)) لابن القيم (٢/ ٢١٩). وتنظر ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٥٩/ ٢١٥).
(٣) قال ابن حزم: (اتفقوا على أن من اعتمر عمرته كلها مما بين استهلال المحرم إلى أن يتمها قبل يوم الفطر ولم ينو بها التمتع ثم خرج إلى منزله أو إلى الميقات وهو من غير أهل مكة ثم حج من عامه أنه ليس متمتعاً) ((مراتب الإجماع)) لابن حزم (ص: ٤٩).
(٤) قال ابن عبدالبر: (روى عن طاوس في التمتع قولان هما أشد شذوذاً مما ذكرنا عن الحسن أحدهما أن من اعتمر في غير أشهر الحج ثم أقام حتى الحج ثم حج من عامه أنه متمتع، وهذا لم يقل به أحد من العلماء فيما علمت غيره ولا ذهب إليه أحد من فقهاء الأمصار) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (٨/ ٣٤٧).
(٥) قال ابن قدامة: (لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أن من اعتمر في غير أشهر الحج عمرة، وحل منها قبل أشهر الحج، أنه لا يكون متمتعا، إلا قولين شاذين) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤١٣).
(٦) قال ابن أبي عمر: (أجمعوا على أن من اعتمر في غير أشهر الحج ثم حج من عامه فليس بمتمتع) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٤١).
(٧) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (٨/ ٣٤٧).
(٨) ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٧٤).
(٩) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٤١).
(١٠) رواه ابن أبي شيبة (٣/ ٥٢٦) قال النووي في ((المجموع)) (٧/ ١٧٤): (أثر حسن)، وحسن إسناده ابن الملقن في ((خلاصة البدر المنير)) (١/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>