للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقله ابن حزم (١)، وابن قدامة، ووصف القول بسواه أنه شذوذ (٢).

رابعاً: أن الدم إنما يجب لترك الإحرام بالحج من الميقات، وهذا لم يترك الإحرام بالحج من الميقات، فإنه إن أقام بمكة صارت مكة ميقاته، وإن رجع إلى بلده وعاد فقد أحرم من الميقات (٣).

خامساً: أنهم إذا أجمعوا على أن من اعتمر في غير أشهر الحج ثم حج من عامه فليس بمتمتع، فهذا أولى؛ لأن التباعد بينهما أكثر (٤).

الشرط الثالث: عدم السفر

يشترط للتمتع أن لا يسافر بين العمرة والحج، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية (٥)، والمالكية (٦)، والشافعية (٧)، والحنابلة (٨)، وبه قال طائفة من السلف (٩)،وهو قول عامة أهل العلم (١٠).

الأدلة:

أولاً: قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة: ١٩٦].

وجه الدلالة:


(١) قال ابن حزم: (اتفقوا ان من اعتمر في أشهر الحج ثم لم يحج من عامه ذلك إلى أن حج عاما كاملا أنه ليس متمتعا). ((مراتب الإجماع)) لابن حزم (ص: ٤٩).
(٢) قال ابن قدامة: (لا نعلم فيه خلافاً إلا قولا شاذاً عن الحسن فيمن اعتمر في أشهر الحج فهو متمتع حج أو لم يحج) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٤١).
(٣) ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٧٤).
(٤) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٤١).
(٥) ضابطه عند الحنفية: ألا يرجع إلى بلده. ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و ((حاشية الشلبي)) (٢/ ٤٨)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (٣/ ١٥).
(٦) ضابطه عند المالكية: ألا يرجع إلى بلده أو أبعد منه. ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ٨٢)، ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و ((حاشية الدسوقي)) (٢/ ٢٩)، وينظر: ((التمهيد)) لابن عبدالبر (٨/ ٣٤٦)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٦/ ١٣٠).
(٧) ضابطه عند الشافعية ورواية عن أحمد: ألا يرجع إلى ميقاته. ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٧٤)، ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) (٣/ ٣٢٧)، ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٣١٣).
(٨) ضابطه عند الحنابلة: أن يسافر بين العمرة والحج سفرا بعيدا تقصر في مثله الصلاة. ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤١٣)، ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٣١٢).
(٩) في مصنف ابن أبي شيبة: عَنْ عَطَاءٍ, وَطَاوُسٍ, وَمُجَاهِدٍ قَالُوا: (إن خرج في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع).
(١٠) قال ابن عبدالبر: (فإن اعتمر في أشهر الحج ثم رجع إلى بلده ومنزله ثم حج من عامه ذلك فليس بمتمتع ولا هدي عليه ولا صيام عند جماعة العلماء أيضاً إلا الحسن البصري فإنه قال: عليه هدي حج أو لم يحج. قال: لأنه كان يقال عمرة في أشهر الحج متعة .... والذي عليه جماعة الفقهاء وعامة العلماء ما ذكرت لك قبل هذا ... وعلى هذا الناس) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (٨/ ٣٤٥، ٣٤٦). وقال الشنقيطي: (الحاصل: أن الأئمة الأربعة متفقون على أن السفر بعد العمرة، والإحرام بالحج من منتهى ذلك السفر مسقط لدم التمتع، إلا أنهم مختلفون في قدر المسافة، فمنهم من يقول: لا بد أن يرجع بعد العمرة في أشهر الحج إلى المحل الذي جاء منه، ثم ينشئ سفراً للحج ويحرم من الميقات، وبعضهم يقول: يكفيه أن يرجع إلى بلده أو يسافر مسافة مساوية لمسافة بلده، وبعضهم يكفي عنده سفر مسافة القصر، وبعضهم يقول: يكفيه أن يرجع لإحرام الحج إلى ميقاته) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٥/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>