للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: ٩٥].

وجه الدلالة:

أنَّ في حكم الهدي ما كان بدلاً عنه من الإطعام، فيجب أن يكون كذلك بالغ الكعبة (١).

المطلب الرابع: موضع الصيام وصفته

يجوز الصيام في أي موضعٍ مفرَّقاً أو متتابعاً (٢).

الأدلة:

أولًا: من الكتاب:

قوله تعالى: أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا [المائدة: ٩٥]

وجه الدلالة:

أنه أطلق الصيام، ولم يقيده بشيء، والواجب البقاء على إطلاقات النصوص، وعدم التصرف بتقييدها من غير دليل (٣).

ثانياً: الإجماع:

نقل النووي الإجماع على جواز تفريق الصيام (٤)، وحكى الشنقيطي الإجماع على أنه يصام في أي مكان (٥).

ثالثاً: أن الصيام لا يتعدى نفعه لأحد؛ لذا لا يقتصر على مكانٍ بعينه.

المطلب الخامس: ارتكاب محظورات فدية الأذى عمداً

لا فرق في التخيير في فدية الأذى بين من ارتكب المحظور بعذر، أو كان عمداً، وهذا مذهب الجمهور من المالكية (٦)، والشافعية (٧)، والحنابلة (٨)، واختاره الشنقيطي (٩)؛ وذلك لأن الله تعالى أوجب الفدية على من حلق رأسه لأذىً به وهو معذور، فكان ذلك تنبيهاً على وجوبها على غير المعذور (١٠).

المطلب السادس: فعل المحظورات نسياناً أو جهلاً أو إكراهاً

مَن فَعَلَ شيئاً من محظورات الإحرام ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فلا شيء عليه، سواء كان صيداً أو جماعاً أو غيرهما، وسواء كان فيه إتلاف أو لم يكن، وهو مذهب الظاهرية (١١)، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما (١٢)، وهو قول إسحاق وابن المنذر وطائفةٍ من السلف (١٣)، واختاره ابن عثيمين (١٤).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

١ - قوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: ٢٨٦]، فقال الله: ((قد فعلت)).

٢ - قوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب: ٥].


(١) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٦٠)، وذكر ابن المنذر عن ابن عباس أنه قال: (الهدي والإطعام بمكة) ((الإشراف)) (٣/ ٢٣٢).
(٢) ذكر ابن المنذر عن ابن عباس أنه قال: (الدم والطعام بمكة، والصوم حيث شاء) ((الإشراف)) (٣/ ٢٣٢).
(٣) ينظر: ((المجموع)) للنووي (٧/ ٤٣٨).
(٤) قال النووي: (الصوم الواجب يجوز متفرقاً ومتتابعاً، نص عليه الشافعي، ونقله عنه ابن المنذر، ولا نعلم فيه خلافاً) وانظر: ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ١٧٩)، ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣٣٤)، ((التاج والإكليل)) للمواق (٣/ ١٨٠)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٤٣٨)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٥٢).
(٥) قال الشنقيطي: (ولا خلاف بين أهل العلم أن صيام الفدية له أن يصومه حيث شاء) ((منسك الإمام الشنقيطي)) (٢/ ٢٧٧).
(٦) ((الكافي)) لابن عبدالبر (١/ ٣٨٩).
(٧) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ٢٢٧).
(٨) ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٣٦٠).
(٩) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٥/ ٤٢).
(١٠) ينظر: ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٥/ ٤٢).
(١١) ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: ٩٣)، ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ١٨٩، ٢١٤، ٢٥٥ رقم ٨٥٥، ٨٧٦، ٨٩٥).
(١٢) ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: ٩٣).
(١٣) ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ٢١٥)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٦٣).
(١٤) قال ابن عثيمين: (الصحيح أن جميعها تسقط، وأن المعذور بجهلٍ أو نسيانٍ أو إكراهٍ لا يترتب على فعله شيءٌ إطلاقا، لا في الجماع، ولا في الصيد، ولا في التقليم، ولا في لبس المخيط، ولا في أي شيء) ((الشرح الممتع)) (٧/ ١٩٨ - ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>