للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً: أن النص جاء بتحريم حلق الرأس فقط، ولا يصح قياس غيره عليه؛ لأن حلق الرأس يتعلق به نسك وهو الحلق أو التقصير، فإن المحرم إذا حلق رأسه فإنه يُسقِط به نسكاً مشروعاً، وغيره لا يساويه في ذلك (١).

ثانياً: أن الأصل الإباحة والحل.

ثالثاً: أن المحرم ليس ممنوعاً من الترفه في الأكل، فله أن يأكل من الطيبات ما شاء، ولا من الترفه في اللباس، فله أن يلبس من الثياب التي تجوز في الإحرام ما يشاء، ولا من الترفه بإزالة الأوساخ فله أن يغتسل ويزيل الأوساخ (٢).

المطلب الثالث: ما يجب من الفدية في حلق شعر الرأس

يجب في حلق شعر الرأس فدية الأذى: ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين.

الأدلة

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة: ١٩٦].

ثانياً: من السنة:

عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: ((أتى عليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية والقمل يتناثر على وجهي فقال: أيؤذيك هوام رأسك؟ قلت: نعم. قال: فاحلق وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك نسيكة)) (٣).

ثالث الإجماع:

نقله ابن المنذر (٤)، وابن عبدالبر (٥).

المطلب الرابع: متى تجب الفدية في حلق الشعر؟

تجب الفدية في حلق الشعر إذا حلق ما يحصل به إماطة الأذى (٦)، وهو مذهب المالكية (٧)، واختاره ابن حزم (٨)، وابن عبدالبر (٩)، وابن عثيمين (١٠).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة: ١٩٦].

وجه الدلالة:

أنَّ حلق شعر الرأس من أذىً به، لا يكون إلا بمقدار ما يماط به الأذى (١١).

ثانياً: من السنة:


(١) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١١٦).
(٢) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١١٦).
(٣) رواه البخاري (٤١٩٠)، ومسلم (١٢٠١)
(٤) قال ابن المنذر: (أجمع أهل العلم على وجوب الفدية على من حلق وهو محرمٌ لغير علة) ((الإجماع)) لابن المنذر (ص: ٥٢)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٦٣).
(٥) قال ابن عبدالبر: (لم يختلف الفقهاء أن الإطعام لستة مساكين، وأن الصيام ثلاثة أيام، وأن النسك شاة على ما في حديث كعب بن عجرة) ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ٣٨٥).
(٦) ضابطه: أن يحصل بحلقه الترفه، وزوال الأذى، كأن يقص أكثره، أو يقصره، ولا يدخل فيه حلق بعض الشعرات مما لا يعد حلقاً أو تقصيرا، وضابطه عند ابن حزم أن يحلق ما يسمى به حالقاً. ((التاج والإكليل)) للمواق (٣/ ١٦٤)، ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ٢٠٨،٢١١).
(٧) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣٠٨، ٣٠٩).
(٨) قال ابن حزم: (لو قطع من شعر رأسه ما لا يسمى به حالقاً بعض رأسه فلا شيء عليه, لا إثم، ولا كفارة بأي وجهٍ قطعه, أو نزعه) ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ٢٠٨،٢١١).
(٩) قال ابن عبدالبر: (قول مالك أصوب؛ لأن الحدود في الشريعة لا تصح إلا بتوقيفٍ ممن يجب التسليم له) ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ١٦٠).
(١٠) قال ابن عثيمين: (أقرب الأقوال إلى ظاهر القرآن هو ... إذا حلق ما به إماطة الأذى، أي: يكون ظاهراً على كل الرأس، وهو مذهب مالك، أي: إذا حلق حلقاً يكاد يكون كاملاً يسلم به الرأس من الأذى؛ لأنه هو الذي يماط به الأذى) ((الشرح الممتع)) (٧/ ١١٨،١١٩).
(١١) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٦٤)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>