للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: أنه يجوز للمحرم أن يقص شعره وأظفاره، وهذا مذهب الظاهرية (١)، وجعله ابن مفلح احتمالا (٢)، وذلك للآتي:

١ - أنه لم يأت نص من كتاب ولا سنة في منعهما.

٢ - أنه دون الشعر في الترفه, فيمتنع الإلحاق (٣).

٣ - أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من الفطرة قص الأظفار، والفطرة سنة لا يجوز تعديها, ولم يخص عليه السلام مُحْرماً من غيره: وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [مريم: ٦٤] (٤).

المطلب الثاني: ما تحصل به إزالة الأظافر:

إزالة الظفر كإزالة الشعر سواء قلمه أو كسره أو قطعه، وكل ذلك حرامٌ موجبٌ للفدية (٥).

المطلب الثالث: ما يجب من الفدية في تقليم الأظفار:

يجب في تقليم الأظافر فدية الأذى، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (٦)، والمالكية (٧)، والشافعية (٨)، والحنابلة (٩)، وبه قال أكثر أهل العلم (١٠)؛ وذلك لأنه أزال ما مُنِعَ إزالته لأجل الترفه، فوجبت عليه الفدية كحلق الشعر، وعدم النص لا يمنع قياسه على المنصوص، كشعر البدن مع شعر الرأس (١١).

المطلب الرابع: قص ما انكسر من الظفر

إن انكسر ظفره فله قص ما انكسر منه، ولا شيء عليه.

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:١٨٥].

وانكسار الظفر يغلب في الأسفار، وهذا يوجب الرخصة فيه (١٢).


(١) قال ابن حزم: (جائزٌ للمحرم دخول الحمام, والتدلك, وغسل رأسه بالطين, والخطمي, والاكتحال, والتسويك, والنظر في المرآة, وشم الريحان, وغسل ثيابه, وقص أظفاره وشاربه, ونتف إبطه, والتنور, ولا حرج في شيءٍ من ذلك, ولا شيء عليه فيه; لأنه لم يأت في منعه من كل ما ذكرنا قرآنٌ ولا سنة) ((المحلى)) (٧/ ٢٤٦). وقال النووي: (قال داود: يجوز للمحرم قلم أظفاره كلها ولا فدية عليه، هكذا نقل العبدري عنه، وقد نقل ابن المنذر وغيره إجماع المسلمين على تحريم قلم الظفر في الإحرام فلعلهم لم يعتدوا بداود وفي الاعتداد به في الإجماع خلاف) ((المجموع)) (٧/ ٢٤٨).
(٢) قال ابن مفلح: (حكم الأظفار كالشعر; لأن المنع منه للترفه, ذكره ابن المنذر إجماعاً وسبق قول داود في تخصيصه بالرأس خاصة, ويتوجه هنا احتمال; لأنه إن سلم الترفه به فهو دون الشعر, فيمتنع الإلحاق, ولا نص يصار إليه) ((الفروع)) (٥/ ٤٠٩). وقال ابن عثيمين: (تقليم الأظافر لم يرد فيه نص، لا قرآني ولا نبوي، لكنهم قاسوه على حلق الشعر بجامع الترفه، وإذا كان داود ينازع في حلق بقية الشعر الذي بالجسم في إلحاقها بالرأس، فهنا من باب أولى، ولهذا ذكر في الفروع أنه يتوجه احتمال ألا يكون من المحظورات، بناءً على القول بأن بقية الشعر ليس من المحظورات، لكن نقل بعض العلماء الإجماع على أنه من المحظورات، فإن صح هذا الإجماع، فلا عذر في مخالفته، بل ليتبع، وإن لم يصح فإنه يبحث في تقليم الأظافر كما بحثنا في حلق بقية الشعر) ((الشرح الممتع)) (٧/ ١١٧).
(٣) ((الفروع)) لابن مفلح (٥/ ٤٠٩).
(٤) ((المحلى)) لابو حزم (٧/ ٢٤٧).
(٥) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٤٧، ٢٤٨)، ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ١٣٥).
(٦) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٣/ ١٢).
(٧) ((الكافي)) لابن عبدالبر (١/ ٣٨٩).
(٨) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٤٧، ٢٤٨).
(٩)) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٦٢)
(١٠) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٦٥).
(١١) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٦٥).
(١٢) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>