للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا تطيب المحرم عمداً فعليه الفدية، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (١)، والمالكية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤)؛ وذلك قياساً على الفدية في حلق الرأس؛ بجامع أنه ترفه باستعمال محظور.

المطلب الرابع: هل يشترط في الفدية تطييب العضو كاملاً؟

لا يشترط في لزوم الفدية بالطيب أن يطيب العضو كاملاً، وهو مذهب الجمهور من المالكية (٥)، والشافعية (٦)، والحنابلة (٧).

الأدلة:

أولاً: عموم الأدلة في الفدية، ولا فرق فيها بين القليل والكثير.

ثانياً: أنه معنًى حصل به الاستمتاع بالمحظور، فاعتبر بمجرد الفعل كالوطء.

ثالثاً: أن تقدير ما تجب به الفدية وما لا تجب به لا يكون إلا بتوقيفٍ من الشارع، ولا يوجد في الباب ما يدل على شيءٍ من ذلك، فوجب الوقوف على العمومات التي توجب الفدية على من ارتكب المحظور قليلاً كان أو كثيرا.

رابعاً: أن التطيب عادةً لا يكون لعضوٍ كامل (٨).

المطلب الرابع: حكم استعمال البخور

حكم البخور هو حكم استعمال الطيب، وهذا مذهب الجمهور من المالكية (٩)، والشافعية (١٠)، والحنابلة (١١).

وذلك للآتي:

أولاً: عمومات الأدلة، والبخور من جملة أنواع الطيب الذي حظر استعماله على المحرم.

ثانياً: أن المقصود هو الاستمتاع برائحة الطيب، وهذا حاصلٌ بالبخور.

ثالثاً: أنه يصدق على من تبخَّر أنه تطيَّب.

المطلب الخامس: حكم استدامة الطيب الذي كان قبل الإحرام

لا حرج في استعمال الطيب الذي يبقى أثره بعد الإحرام، وهذا مذهب الجمهور من الحنفية (١٢)، والشافعية (١٣)، والحنابلة (١٤)، وبه قال بعض السلف (١٥).

الدليل:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كأني أنظر إلى وَبِيص الطيب في مَفرِق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أيام وهو محرِم)) (١٦). وقالت رضي الله عنها: ((كنتُ أطيِّب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولإحلاله قبل أن يطوف بالبيت)) (١٧).

المطلب السادس: تطييب الحاج ثوب الإحرام قبل إحرامه


(١) ((حاشية ابن عابدين)) (٢/ ٥٤٤).
(٢) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣١١).
(٣) ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥٣٢).
(٤) ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٣٣٢).
(٥) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣١١).
(٦) ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥٢٠).
(٧) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٢٩).
(٨) ينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣١١)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٣٤٤).
(٩) ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ٢٢٠).
(١٠) قال النووي: (ومذهبنا أنه لا فرق بين أن يتبخَّر أو يجعله في بدنه أو ثوبه، وسواء كان الثوب مما ينفض الطيب أم لم يكن، قال العبدري وبه قال أكثر العلماء) ((المجموع)) (٧/ ٢٨١).
(١١) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٨٠)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٢٩).
(١٢) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (٢/ ٩)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (٢/ ٤٣٠ - ٤٣٢).
(١٣) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ١٧٧)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٢٢).
(١٤) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٢٦ - ٢٢٧)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٠٦).
(١٥) قال ابن قدامة: (يستحب لمن أراد الإحرام أن يتطيب في بدنه خاصة، ولا فرق بين ما يبقى عينه كالمسك والغالية، أو أثره كالعود والبخور وماء الورد، هذا قول ابن عباس، وابن الزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعائشة، وأم حبيبة، ومعاوية) (المغني)) (٣/ ٢٥٨).
(١٦) رواه البخاري (١٥٣٨)، ومسلم (١١٩٠).
(١٧) رواه البخاري (١٥٣٩)، ومسلم (١١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>