للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن يغطيه بما يحمله على رأسه ولا يقصد به التغطية، فهذا جائز، باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية (١) والمالكية (٢) والشافعية (٣)، والحنابلة (٤) , وهو اختيار ابن حزم (٥)،وابن حجر (٦)، وابن باز (٧) وابن عثيمين (٨)؛ وذلك لأنه لا يقصد به الستر؛ ولا يستر بمثله عادةً.

الثاني: أن يستره بملاصق بما يلبس عادةً على الرأس، مثل الشماغ والعمامة والطاقية، والخوذة فهذا حرام.

الأدلة:

أولاً: من السنة:

١ - عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، ((أن رجلا قال: يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يلبس القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين، فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران أو ورس)) (٩)

وجه الدلالة:

أن ذكر العمامة بعد ذكر البرانس دليل على أنه لا يجوز تغطية الرأس لا بمعتاد اللباس، ولا بنادره (١٠).

٢ - عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في قصة الرجل الذي وقصته دابته: ((لا تخمِّروا رأسه)) (١١).

ثانياً: الإجماع:

نقل الإجماع على ذلك ابن حزم (١٢)،والنووي (١٣)، وابن القيم (١٤).

الثالث: أن يستظل بمنفصل عنه، غير تابع كالاستظلال بخيمة، أو شجرة، فهذا جائز.


(١) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٨٥) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (٢/ ١٢) ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ٢٣١).
(٢) استثنى المالكية ما لو حمله لغيره فإن فيه الفدية سواء حمله بأجر أو بغير أجر. قال القرافي: (للرجل أن يحمل على رأسه ما لا بد له منه كالخرج والجراب فإنه حمله لغيره بأجر أو بغير أجر فعليه الفدية) ((الذخيرة)) (٣/ ٣٠٨)، ((كفاية الطالب الرباني)) لأبي الحسن المالكي (١/ ٦٩٧).
(٣) ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (١/ ٥١٨) ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ١٢٥).
(٤) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٧٠).
(٥) قال ابن حزم: (وللمحرم أن ... يحمل ما شاء من الحمولة على رأسه, ... ولا شيء عليه في كل شيء من ذلك) ((المحلى)) (٧/ ٢٥٨).
(٦) قال ابن حجر: (قال الخطابي ذكر العمامة والبرنس معا ليدل على أنه لا يجوز تغطية الرأس لا بالمعتاد ولا بالنادر، قال ومن النادر المكتل يحمله على رأسه، قلت إن أراد أنه يجعله على رأسه كلابس القبع صح ما قال، وإلا فمجرد وضعه على رأسه على هيئة الحامل لحاجته لا يضر على مذهبه، ومما لا يضر أيضا الانغماس في الماء فإنه لا يسمى لابسا وكذا ستر الرأس باليد) ((فتح الباري)) (٣/ ٤٠٢).
(٧) قال ابن باز: (حمل بعض المتاع على الرأس لا يعد من التغطية الممنوعة إذا لم يفعل ذلك حيلة، وإنما التغطية المحرمة هي: ما يغطى بها الرأس عادة كالعمامة والقلنسوة، ونحو ذلك مما يغطى به الرأس، وكالرداء والبشت ونحو ذلك، أما حمل المتاع فليس من الغطاء المحرم كحمل الطعام ونحوه إذا لم يفعل ذلك المحرم حيلة؛ لأن الله سبحانه قد حرم على عباده التحيل لفعل ما حرم، والله ولي التوفيق) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٧/ ١١٥).
(٨) قال ابن عثيمين: (أن يغطيه بما لا يقصد به التغطية والستر كحمل العفش ونحوه، فهذا لا بأس به؛ لأنه لا يقصد به الستر، ولا يستر بمثله غالبا) ((الشرح الممتع)) (٧/ ١٢٤).
(٩) رواه البخاري (١٨٤٢)، ومسلم (١١٧٧).
(١٠) ((شرح السنة)) للبغوي (٧/ ٢٤٠).
(١١) رواه البخاري (١٨٥٠)، ومسلم (١٢٠٦).
(١٢) قال ابن حزم: (وأجمعوا أن الرجل المحرم يحتنب لبس العمائم والقلانس ... ) ((مراتب الإجماع)) (ص: ٤٢).
(١٣) قال النووي: (أما تخمير الرأس في حق المحرم الحي فمجمعٌ على تحريمه) ((شرح النووي على مسلم)) (٨/ ١٢٨).
(١٤) ((زاد المعاد)) لابن القيم (٢/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>