للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجب الفدية على من أفسد النسك بالجماع، وقد اتفق أهل العلم على ذلك (١)، والواجب في ذلك في الحج بدنة، وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤)، وبه قال طوائف من السلف (٥)، واختاره ابن باز (٦).

الأدلة:

أولاً:

١ - عن عكرمة: ((أن رجلا قال لابن عباس: أصبت أهلي، فقال ابن عباس: أما حجكما هذا فقد بطل فحجا عاما قابلا ثم أهلا من حيث أهللتما، وحيث وقعت عليها ففارقها فلا تراك ولا تراها حتي ترميا الجمرة وأهد ناقة ولتهد ناقة) وعنه أيضاً: ((إذا جامع فعلى كل واحد منهما بدنة)) (٧).

٢ - وروي عن عمر نحوه (٨).

ثانياً: أنه وطءٌ صادف إحراما تاما، فأوجب البدنة (٩).

ثالثاً: أن ما يفسد الحج، الجناية به أعظم، فكفارته يجب أن تكون أغلظ (١٠).

مسألة:

يفسد نسك المرأة بالجماع مطلقا (١١)، فإن كانت مطاوعة فعليها بدنة كالرجل، فإن كانت مكرهة فإنه لا يجب عليها هدي، وهذا مذهب المالكية (١٢)، والحنابلة (١٣)، وبه قال طائفة من السلف (١٤).

أدلة وجوب البدنة على المرأة إذا كانت مطاوعة

أولاً: الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم:

١ - عن عكرمة مولى ابن عباس: ((أن رجلا وامرأته من قريش لقيا ابن عباس بطريق المدينة, فقال: أصبت أهلي, فقال ابن عباس: أما حجكما هذا فقد بطل فحجا عاما قابلا, ثم أهلا من حيث أهللتما حتى إذا بلغتما حيث وقعت عليها ففارقها فلا تراك ولا تراها حتى ترميا الجمرة وأهد ناقة, ولتهد ناقة)) (١٥).


(١) قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن من جامع عامدًا في حجه قبل وقوفه بعرفه أن عليه حج قابل والهدي) ((الإجماع)) لابن المنذر (ص: ٥٢). وقال النووي: (أجمعت الأمة علي تحريم الجماع في الإحرام، سواء كان الإحرام صحيحا أم فاسدا، وتجب به الكفارة والقضاء). ((المجموع)) (٧/ ٢٩٠، ٤١٤).
(٢) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣٤٠)، ((حاشية العدوي)) (١/ ٥٥١).
(٣) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٤١٦)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥٢٢).
(٤) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤٢٤)، ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٣٦٨).
(٥) قال ابن قدامة: (يجب على المجامع بدنة، روي ذلك عن ابن عباس، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، ومالك، والشافعي، وأبي ثور) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٠٩، ٤٢٤). قال النووي: (مذهبنا أنه يلزم من أفسد حجه بدنة، وبه قال ابن عباس وعطاء وطاوس ومجاهد ومالك والثوري وأبو ثور وإسحق) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٤١٦). وقال الشنقيطي: (وهو قول جماعات من الصحابة وغيرهم منهم ابن عباس، وطاوس، ومجاهد، والثوري، وأبو ثور، وإسحاق، وغيرهم) ((أضواء البيان)) (٥/ ٣٥، ٣٦).
(٦) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٦/ ١٣٢).
(٧) رواه البيهقي (٥/ ١٦٨) (١٠٠٦٧). وصححه الذهبي في ((المهذب)) (٤/ ١٩٢٢).
(٨) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤٢٤).
(٩) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤٢٤).
(١٠) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤٢٤).
(١١) قال ابن قدامة: (أما فساد الحج، فلا فرق فيه بين حال الإكراه والمطاوعة، لا نعلم فيه خلافا) ((المغني)) (٣/ ٣٠٩).
(١٢) لكن يجب على من أكرهها أن يهدي عنها. ((الكافي)) لابن عبدالبر (١/ ٣٩٩)، ((التاج والإكليل)) للمواق (٣/ ١٦٩).
(١٣) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٠٩)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (١/ ٥٥٠).
(١٤) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٠٩)، وانظر: ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٥/ ٣٦)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٦/ ١٣٢).
(١٥) رواه البيهقي (٥/ ١٦٨) (١٠٠٦٧). وصححه الذهبي في ((المهذب)) (٤/ ١٩٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>