للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه لم يخصص شيئاً من المنافع دون غيرها فهو عام في جميعها من منافع الدنيا والآخرة (١).

٢ - قوله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا [البقرة: ٢٧٥].

وجه الدلالة:

أنه لم يخصص منه حال الحج، فيبقى البيع على أصل الإباحة (٢).

ثانياً: عن أبى أمامة التيمي قال: ((كنت رجلا أكري في هذا الوجه وإن ناسا يقولون ليس لك حج، فقال ابن عمر: أليس يحرم ويلبي ويطوف بالبيت ويفضى من عرفات ويرمي الجمار؟ قلت: بلى، قال: فإن لك حجا، جاء رجل الي النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عما سألتني عنه فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبه حتى نزلت هذه الآية: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ [البقرة: ١٩٨]، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرأ عليه هذه الآية، وقال: لك حج)) (٣).

ثالثاً: الإجماع:

نقل الإجماع على جواز ذلك ابن قدامة (٤)، والنووي (٥)، والشنقيطي (٦)، والجصاص، ووصف القول بسواه بالشذوذ (٧).

مسألة:

استحب أهل العلم أن تكون يده فارغة من التجارة ليكون قلبه مشغولا بما هو بصدده، متعريا عن شوائب الدنيا وتعلق القلب بها، إلا أن ذلك لا يقدح في صحة حجه ولا يأثم به، ولا يخرج المكلف عن رسم الإخلاص المفترض عليه، ونقل النووي الإجماع على ذلك (٨).

المبحث الثاني: ما يجب على المحرم توقيه

يجب على المحرم أن يتوقى ما يلي:

أولاً: الفحش من القول والفعل (٩)، وذلك منهي عنه في الإحرام وغير الإحرام إلا أن الحظر في الإحرام أشد لحرمة العبادة.

ثانياً: الفسوق: وهو جميع المعاصي، ومنها محظورات الإحرام (١٠).

ثالثاً: الجدال في الحج: وهو المخاصمة في الباطل، لاسيما مع الرفقاء والخدم، أو الجدل فيما لا فائدة فيه؛ لأن ذلك يثير الشر ويوقع العداوة ويشغل عن ذكر الله، أما الجدال بالتي هي أحسن لإظهار الحق ورد الباطل فلا بأس به (١١)


(١) ((أحكام القرآن)) للجصاص (١/ ٣٨٦).
(٢) ((أحكام القرآن)) للجصاص (١/ ٣٨٦).
(٣) رواه أبو داود (١٧٣٣)، والحاكم (١/ ٦١٨)، والبيهقي (٦/ ١٢١) (١١٩٩٥). والحديث صحح إسناده النووي في ((المجموع)) (٧/ ٧٧)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود))، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (٧٤١).
(٤) قال ابن قدامة: (أما التجارة والصناعة فلا نعلم في إباحتهما اختلافا) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣١٣).
(٥) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٧٦).
(٦) قال الشنقيطي: (لا خلاف بين العلماء في أن المراد بالفضل المذكور في الآية ربح التجارة) ((أضواء البيان)) (١/ ٨٩).
(٧) قال الجصاص: (وعلى هذا أمر الناس من عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا في مواسم منى ومكة في أيام الحج). وقال أيضاً: (روي نحو ذلك عن جماعة من التابعين منهم الحسن وعطاء ومجاهد وقتادة ولا نعلم أحدا روي عنه خلاف ذلك إلا شيئا رواه سفيان الثوري عن عبدالكريم عن سعيد بن جبير قال سأله رجل أعرابي فقال إني أكري إبلي وأنا أريد الحج أفيجزيني؟ قال لا ولا كرامة، وهذا قول شاذ خلاف ما عليه الجمهور وخلاف ظاهر الكتاب) ((أحكام القرآن)) (١/ ٣٨٦).
(٨) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٧٦)، وينظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (٣/ ٥٠١).
(٩) ((تفسير الطبري)) (٤/ ١٢٥).
(١٠) ((تفسير الطبري)) (٤/ ١٣٥).
(١١) ((مراتب الإجماع)) لابن حزم (ص: ٤٣)، ((نقد مراتب الإجماع)) (ص: ٢٩٢)، ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ١٨٦، ١٩٥)، ((التمهيد)) لابن عبدالبر (١٩/ ٥٥)، ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ٧)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (٢/ ٤٣٩)، ((فتح الباري)) لابن رجب (١/ ١٣٤)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٢/ ٣٤٨)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٥/ ١٣)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٦/ ٥٦، ٥٧، ١٧/ ١٤٤ - ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>