للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: أن الطهارة واجبة في الطواف، فيعيد متى ما كان في مكة، فإن عاد إلى بلده جبره بدم، وهذا مذهب الحنفية (١)، ورواية عن أحمد (٢).

الدليل:

قوله تعالى: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: ٢٩].

وجه الدلالة:

أن الأمر بالطواف مطلق لم يقيده الشارع بشرط الطهارة، وهذا نص قطعي يجب العمل به، وما ورد في السنة فإنه يدل على الوجوب فقط لا على الشرطية (٣).

القول الثالث: أن الطهارة سنة في الطواف، وهذا قول عند الحنفية (٤)، ورواية عن أحمد (٥)، واختاره ابن حزم (٦)، وابن تيمية (٧)، وابن القيم (٨)، وابن عثيمين (٩).

وذلك للآتي:

أولاً: أنه لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر الطائفين بالوضوء، ولا باجتناب النجاسة، لا في عمره ولا في حجته مع كثرة من حج معه واعتمر ويمتنع أن يكون ذلك واجبا ولا يبينه للأمة وتأخير البيان عن وقته ممتنع (١٠).

ثانياً: قياسا على أركان الحج وواجباته فإنه لا يشترط لهما الطهارة، فكذلك الطواف لا يشترط له الطهارة (١١).

المطلب الرابع: ابتداء الطواف من الحجر الأسود


(١) ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ٣٥)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (٣/ ٥٠)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: ٩٥)، ((حاشية ابن عابدين)) (٢/ ٤٦٩).
(٢) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٣٩٨) , ((الإنصاف)) للمرداوي (١/ ١٦٤).
(٣) ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ٣٥).
(٤) ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ٣٥).
(٥) ((تهذيب السنن)) لابن القيم (١/ ٩٧)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٣٩٨) , ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٢٦/ ٢١٤)، ((الإنصاف)) للمرداوي (١/ ١٦٤).
(٦) قال ابن حزم: (الطواف بالبيت على غير طهارة جائز، وللنفساء، ولا يحرم إلا على الحائض فقط؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم منع أم المؤمنين - إذ حاضت - من الطواف بالبيت) ((المحلى)) لابن حزم (٥/ ١٨٩).
(٧) قال ابن تيمية: (ثم تدبرت وتبين لي أن طهارة الحدث لا تشترط في الطواف ولا تجب فيه بلا ريب ولكن تستحب فيه الطهارة الصغرى فإن الأدلة الشرعية إنما تدل على عدم وجوبها فيه وليس في الشريعة ما يدل على وجوب الطهارة الصغرى فيه) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٢٦/ ١٩٩)، ((تهذيب السنن)) لابن القيم (١/ ٩٧).
(٨) ((تهذيب السنن)) لابن القيم (١/ ٩٧).
(٩) قال ابن عثيمين: (الذي تطمئن إليه النفس أنه لا يشترط في الطواف الطهارة من الحدث الأصغر، لكنها بلا شك أفضل وأكمل وأتبع للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينبغي أن يخل بها الإنسان لمخالفة جمهور العلماء في ذلك، لكن أحيانا يضطر الإنسان، مثل لو أحدث أثناء طوافه في زحام شديد، فالقول بأنه يلزمه أن يذهب ويتوضأ ثم يأتي في هذا الزحام الشديد لا سيما إذا لم يبق عليه إلا بعض شوط ففيه مشقة شديدة، وما كان فيه مشقة شديدة ولم يظهر فيها النص ظهورا بينا، فإنه لا ينبغي أن نلزم الناس به، بل نتبع ما هو الأسهل والأيسر؛ لأن إلزام الناس بما فيه مشقة بغير دليل واضح مناف لقوله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ *البقرة: ١٨٥*) ((الشرح الممتع)) (٧/ ١٠١)، (٧/ ٢٦٢).
(١٠) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٢٦/ ١٧٦)، ((تهذيب السنن)) لابن القيم (١/ ٩٧).
(١١) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٤٤/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>