للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشترط في صحة السعي بين الصفا والمروة، أن يكون سبعة أشواط، ذهابه من الصفا إلى المروة شوط، ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط، وهذا قول الجمهور (١): المالكية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤)، والظاهرية (٥).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

١ - عن عمرو بن دينار قال: سألنا ابن عمر رضي الله عنهما عن رجلٍ طاف بالبيت في عمرة، ولم يطف بين الصفا والمروة أيأتي امرأته؟ فقال: ((قدم النبي صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعاً، وصلى خلف المقام ركعتين، فطاف بين الصفا والمروة سبعاً لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب: ٢١])) (٦).

فهذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال: ((لتأخذوا مناسككم)) (٧) (٨).


(١) عامة أهل العلم على أن عدد أشواط السعي سبعة أشواط: يحسب من الصفا إلى المروة شوط، ومن المروة إلى الصفا شوط، ووافق الحنفيةُ الجمهور في كون قدر السعي سبعة أشواط، وخالفوا في كون ذلك شرطاً، فالشرط عندهم أن يأتي بأكثر السعي، وهو أربعة شواط، والباقي واجبٌ يجبر تاركه بفدية. قال الكاساني: (وأما قدره فسبعة أشواط لإجماع الأمة) ((بدائع الصنائع)) (٢/ ١٣٤). وقال ابن عابدين في باب الجنايات في الحج: (لو ترك ثلاثة منه أو أقل فعليه لكل شوطٍ منه صدقة إلا أن يبلغ دماً فيُخيَّر بين الدم وتنقيص الصدقة) ((حاشية ابن عابدين)) (٢/ ٥٥٦،٥٥٧).
(٢) ((المدونة)) لسحنون (١/ ٤٢٧)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ١١٨).
(٣) قال النووي: (إكمال سبع مرات يحسب الذهاب من الصفا إلى المروة مرة، والرجوع من المروة إلى الصفا مرة ثانية، والعود إلى المروة ثالثة، والعود إلى الصفا رابعة، وإلى المروة خامسة، وإلى الصفا سادسة، ومنه إلى المروة سابعة، فيبدأ بالصفا ويختم بالمروة، هذا هو المذهب الصحيح المشهور الذي نص عليه الشافعي وقطع به جماهير الأصحاب المتقدمين والمتأخرين وجماهير العلماء، وعليه عمل الناس، وبه تظاهرت الأحاديث الصحيحة) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٧١)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (٢/ ٢٣٠).
(٤) ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ١٦)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٨٥).
(٥) ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ٩٥رقم ٨٣٠).
(٦) رواه البخاري (٣٩٥)، ومسلم (١٢٣٤).
(٧) رواه مسلم (١٢٩٧)
(٨) قال الجصاص: (فرض الحج مجملٌ في كتاب الله ... وهو مجملٌ مفتقرٌ إلى البيان، فمهما ورد من فعل النبي صلى الله عليه وسلم فهو بيانٌ للمراد بالجملة، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا ورد مورد البيان فهو على الوجوب ... ومن جهةٍ أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خذوا عني مناسككم)) وذلك أمرٌ يقتضي إيجاب الاقتداء به في سائر أفعال المناسك) ((أحكام القرآن)) (١/ ١١٩) قال ابن كثير: (قال: ((لتأخذوا مناسككم)) فكل ما فعله في حجته تلك واجبٌ لا بد من فعله في الحج إلا ما خرج بدليل) ((تفسير ابن كثير)) (١/ ٤٧١)، وقال الشنقيطي: (يُعرَف حكم فعل النبي صلى الله عليه وسلم من الوجوب أو غيره بالبيان، فإذا بين أمراً واجباً كالصلاة والحج وقطع السارق بالفعل، فهذا الفعل واجبٌ إجماعاً؛ لوقوعه بياناً لواجب إلا ما أخرجه دليلٌ خاص) ((أضواء البيان)) (٤/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>