للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبدأ الوقوف بعرفة من زوال الشمس يوم التاسع من ذي الحجة، وهو قول الجمهور (١) من الحنفية (٢) والمالكية (٣) والشافعية (٤) ورواية عن أحمد (٥). وحكى الإجماع على ذلك ابن عبدالبر (٦)، وابن حزم (٧)، والقرطبي (٨).

الأدلة:

أولا: من السنة:

١ - فعله صلى الله عليه وسلم، كما في حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: «فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء، فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس» (٩)، وقد قال: ((لتأخذوا مناسككم)) (١٠).

ثانيا: أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعد الزوال، وكذلك الخلفاء الراشدون فمن بعدهم إلى اليوم، وما نُقِلَ أن أحدًا وقف قبل الزوال (١١).

المطلب الثاني: آخر وقت الوقوف بعرفة:

ينتهي الوقوف بعرفة بطلوع فجر يوم النحر، فمن أتى إلى عرفة بعد فجر يوم النحر فقد فاته الحج

الأدلة:

أولا من السنة:

١ - عن عروة بن مضرس الطائي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه)) (١٢).

ثانياً: الإجماع:


(١) قال القاضي أبو الطيب والعبدري: (هو قول العلماء كافة إلا أحمد فإنه قال: وقته ما بين طلوع الفجر يوم عرفة وطلوعه يوم النحر) ((المجموع)) للنووي (٨/ ١٢٠)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٥٩).
(٢) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٢٥).
(٣) ((الكافي)) لابن عبدالبر ١/ ٣٥٩، ((الشرح الكبير)) للدردير (٢/ ٣٧).
(٤) ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ٩٧).
(٥) ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ٢٩).
(٦) قال ابن عبدالبر: (ولا يجزئ الوقوف بالنهار قبل الزوال بإجماع، ولا حكم له، وإنما أول وقت الوقوف بعد جمع الصلاتين: الظهر والعصر في أول وقت الظهر) ((الكافي في فقه أهل المدينة)) (١/ ٣٥٩).
(٧) قال ابن حزم: (فصح أن كل من وقف بها أجزأه ما لم يقف في وقتٍ لا يختلف اثنان في أنه لا يجزيه فيه. وقد تيقن الإجماع من الصغير, والكبير, والخالف, والسالف: أن من وقف بها قبل الزوال من اليوم التاسع من ذي الحجة أو بعد طلوع الفجر من الليلة الحادية عشرة من ذي الحجة فلا حج له) ((المحلى)) (٧/ ١٩١رقم ٨٥٨). وقال أيضاً: (وأجمعوا أن وقت الوقوف ليس قبل الظهر في التاسع من ذي الحجة) ((مراتب الإجماع)) (٤٢). وتعقبه شيخ الإسلام قائلا: قلت: (أحد القولين بل أشهرهما في مذهب أحمد أنه يجزئ الوقوف قبل الزوال وإن أفاض قبل الزوال لكن عليه دم كما لو أفاض قبل الغروب) ((مراتب الإجماع)) (ص: ٤٢)
(٨) وقال القرطبي: (أجمع أهل العلم على أن من وقف بعرفة يوم عرفة قبل الزوال، ثم أفاض منها قبل الزوال أنه لا يُعتدُّ بوقوفه ذلك قبل الزوال) ((تفسير القرطبي)) (٢/ ٤١٥).
(٩) رواه مسلم (١٢١٨)
(١٠) رواه مسلم (١٢٩٧)
(١١) ((المجموع)) للنووي (٨/ ١٢٠).
(١٢) رواه أبو داود (١٩٥٠)، والترمذي (٨٩١)، والنسائي (٥/ ٢٦٣)، وأحمد (٤/ ١٥) (١٦٢٥٣). قال الترمذي: (حسنٌ صحيح)، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (٢/ ٢٠٨)، وأبو أحمد الحاكم ((المدخل)) (٥٢)، وقال أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (٧/ ٢٢١): (صحيحٌ ثابت)، وصححه النووي في ((المجموع)) (٨/ ٩٧)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (٦/ ٢٤٠)، وابن القيم في ((أعلام الموقعين)) (٤/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>