للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من وقف بعرفة وهو مغمى عليه فإنه يجزئه الوقوف، وهو مذهب الحنفية (١)، والمالكية (٢)، ووجه عند الشافعية (٣)، وتوقف فيه أحمد (٤)، واختاره الشنقيطي (٥) , وابن عثيمين (٦).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

عن عروة بن مضرس الطائي قال: ((أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالموقف - يعني بجمع - فقلت: يا رسول الله, أهلكت مطيتي, واتعبت نفسي, والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه, فهل لي من حج؟ فقال صلى الله عليه وسلم: من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى قبل ذلك عرفات ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه)) (٧).

وجه الدلالة:

أن من وقف بعرفة وهو مغمى عليه فقد أتى بالقدر المفروض، وهو حصوله كائناً بعرفة، فحصل الركن، ولا يمتنع ذلك بالإغماء والنوم كركن الصوم (٨).

ثانياً: أن الوقوف ليس بعبادة مقصودة ولهذا لا يتنفل به، فوجود النية في أصل العبادة وهو الإحرام يغني عن اشتراطه في الوقوف (٩).

ثالثاً: أن الوقفوف بعرفة لا يعتبر له نية ولا طهارة، ويصح من النائم، فصح من المغمى عليه، كالمبيت بمزدلفة (١٠).


(١) ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ٥١)، و ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٢٧)، ((الهداية شرح البداية)) للمرغياني (١/ ١٥١).
(٢) ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ١٣٣).
(٣) ((المجموع)) للنووي (٨/ ١٠٤).
(٤) قال ابن قدامة: (وقد توقف أحمد - رحمه الله - في هذه المسألة، وقال: الحسن يقول بطل حجه، وعطاء يرخص فيه). ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٧٢).
(٥) قال الشنقيطي: (ليس في وقوف المغمى عليه نص من كتاب ولا سنة يدل على صحته أو عدمها، وأظهر القولين عندي قول من قال بصحته لما قدمنا من أنه لا يشترط له نية تخصه، وإذا سلمنا صحته بدون النية، كما قدمنا أنه هو الصواب فلا مانع من صحته من المغمى عليه، كما يصح من النائم). ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٤/ ٤٣٩).
(٦) قال ابن عثيمين: (وقوفه صحيح؛ لأن عقله باق لم يزل وهذا هو الراجح). ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٢٩٩).
(٧) رواه أبو داود (١٩٥٠)، والترمذي (٨٩١)، والنسائي (٥/ ٢٦٣)، وأحمد (٤/ ١٥) (١٦٢٥٣). قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (٢/ ٢٠٨)، وأبو أحمد الحاكم ((المدخل)) (٥٢)، وقال أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (٧/ ٢٢١): صحيح ثابت، وصححه النووي في ((المجموع)) (٨/ ٩٧)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (٦/ ٢٤٠)، وابن القيم في ((أعلام الموقعين)) (٤/ ٢٥٢).
(٨) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٢٧)، ((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (١/ ١٥١)، ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٥٧).
(٩) ((البحرالرائق)) لابن نجيم (٢/ ٣٧٩).
(١٠) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>