للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الدلالة:

أن النص جاء بأن شعائر الله تعالى محلها إلى البيت العتيق، وهذا عام في الهدايا (١).

قال تعالى في جزاء الصيد: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: ٩٥].

وجه الدلالة:

أنه لو جاز ذبحه في غير الحرم لم يكن لذكر بلوغه الكعبة معنى، وهذا الحكم وإن كان في كفارة الصيد إلا أنه صار أصلاً في دماء النسك (٢).

ثانياً: من السنة:

١ - عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قد نحرت هنا، ومنى كلها منحر)) (٣).

وجه الدلالة:

يدل على أنه حيثما نحرت البدن, والإهداء من فجاج مكة ومنى والحرم كله فقد أصاب الناحر (٤).

٢ - أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه في منى وقال: ((لتأخذوا مناسككم)) (٥) (٦).

ثالثاً: أن الهدي اسم لما يهدى إلى مكان الهدايا، ومكان الهدايا الحرم، وإضافة الهدايا إلى الحرم ثابتة بالإجماع (٧).

رابعاً: أن هذا دم يجب للنسك، فوجب أن يكون في مكانه، وهو الحرم (٨).

المبحث الخامس: الهدي على القارن

يجب الهدي على القارن إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام، واتفقت عليه المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (٩)، والمالكية (١٠)، والشافعية (١١)، والحنابلة (١٢)، وبه قال طائفة من السلف (١٣)، واختاره أكثر الفقهاء (١٤).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: ١٩٦].

وجه الدلالة:

أن القارن متمتع بالعمرة إلى الحج بدليل فهم الصحابة رضي الله عنهم، يدل على ذلك ما يلي:

عن علي رضي الله عنه: ((أنه لما سمع عثمان رضي الله عنه ينهى عن المتعة: أهل بالعمرة والحج ليعلم الناس أنه ليس بمنهي عنه)) (١٥).

ثانياً: أن الهدي إذا كان واجباً على المتمتع بنص القرآن والسنة والإجماع فإن القارن أولى لأمرين:

الأول: أن فعل المتمتع أكثر من فعل القارن فإذا لزمه الدم فالقارن أولى (١٦).

الثاني: أنه إذا وجب على التمتع لأنه جمع بين النسكين في وقت أحدهما فلأن يجب على القارن وقد جمع بينهما في الإحرام أولى (١٧) ..


(١) ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ١٥٦ رقم ٨٣٦)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٤/ ٢٠٧).
(٢) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ٢٢٤)، ((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (١/ ١٨٦).
(٣) رواه مسلم (١٢١٨)
(٤) ((المحلى)) (٧/ ١٥٦ رقم ٨٣٦).
(٥) رواه مسلم (١٢٩٧)
(٦) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٢/ ٢٢٦).
(٧) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ٢٢٤)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (٣/ ١٦٣).
(٨) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٢/ ٢٢٦).
(٩) ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ١٦٥) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٧٤).
(١٠) ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدالبر (١/ ٣٨٤)، ((مواهب الجليل)) لحطاب (٤/ ٨٤).
(١١) ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٩٠)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥١٧).
(١٢) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٤٦).
(١٣) منهم: ابن مسعود، وابن عمر رضي الله عنهم. ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ١٦٥)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٩٠).
(١٤) ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ٩٣).
(١٥) رواه البخاري (١٥٦٣)، ومسلم (١٢٢٣)
(١٦) ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥١٧).
(١٧) قال ابن عبدالبر: (من معنى التمتع أيضا القران عند جماعة من الفقهاء لأن القارن يتمتع بسقوط سفره الثاني من بلده كما صنع المتمتع في عمرته إذا حج من عامه ولم ينصرف إلى بلده، فالتمتع والقران يتفقان في هذا المعنى) ((الاستذكار)) (٤/ ٩٣)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٩٠)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>