للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أخر صيام ثلاثة الأيام التي في الحج حتى انتهى حجه، فلا تلزمه الفدية، وهو مذهب المالكية (١)، والشافعية (٢)، واختاره ابن عثيمين (٣).

وذلك للآتي:

- أنه لما عدم الهدي صار الصيام واجبا في حقه، فإذا تأخر عن أدائه فإنه يقضى كرمضان (٤).

- أن الصوم بدل عن الهدي، فلو وجب الدم لاجتمع البدل والمبدل معه، وهو خلاف الأصل (٥).

المطلب السادس: حكم صيام السبعة أيام بمكة بعد فراغه من الحج

يجوز صيام السبعة أيام بمكة بعد فراغه من الحج، وإن كان الأفضل تأخيره إلى أن يرجع إلى أهله، وهذا مذهب جمهور الفقهاء: الحنفية (٦)، والمالكية (٧)، والحنابلة (٨)، وهو قولٌ للشافعي (٩).

الأدلة:

أولاً: أدلة جواز الصيام بعد فراغه من الحج

قوله تعالى: وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة: ١٩٧].

وجه الدلالة:

أن المراد من الرجوع الفراغ من الحج؛ لأن الفراغ منه سبب الرجوع إلى أهله، فكان الأداء بعد حصول السبب، فيجوز (١٠).

أن كل صوم لزمه، وجاز في وطنه، جاز قبل ذلك، كسائر الفروض (١١).

أنه صومٌ وجد من أهله بعد وجود سببه، فأجزأه، كصوم المسافر والمريض (١٢).

ثانياً: أدلة أفضلية الصيام بعد رجوعه إلى أهله:

عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله)) (١٣).

وجه الدلالة:

أنه يدل أن الأصل في الصيام أن يكون بعد رجوعه إلى أهله، وفيه تفسير للآية الكريمة.

احتياطاً؛ لأنه اختلف في جوازه قبل ذلك، فيفعله على الوجه المجمع عليه أحسن (١٤).

المطلب السابع: هل يشترط أن يكون صيام الأيام متتابعة؟

يجوز صوم الثلاثة أيام في الحج، والسبعة إذا رجع إلى أهله متتابعة ومتفرقة باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (١٥)، والمالكية (١٦)، والشافعية (١٧)، والحنابلة (١٨)، وحكي في ذلك الإجماع (١٩).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال تعالى: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة: ١٩٦] (٢٠).

ثانيا: من السنة:

عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله)) (٢١).

وجه الدلالة من الدليلين:

أنَّ الشارع أطلق الصيام ولم يشترط فيه التتابع، والواجب إطلاق ما أطلقه الله ورسوله (٢٢).


(١) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣٥١)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (٢/ ٨٤).
(٢) ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ٥٣)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥١٧).
(٣) ((الشرح الممتع)) (٧/ ١٨٠).
(٤) ((الشرح الممتع)) (٧/ ١٨٠).
(٥) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣٥٢).
(٦) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٧٣)، ((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (١/ ١٥٥).
(٧) ((مواهب الجليل)) لحطاب (٤/ ٢٧٠)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (٢/ ٨٥).
(٨) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤١٨)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٥٤).
(٩) ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٨٧)، ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ٥٤).
(١٠) ((لهداية شرح البداية)) للميرغيناني (١/ ١٥٥).
(١١) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤١٨).
(١٢) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤١٨).
(١٣) رواه البخاري (١٦٩١)، ومسلم (١٢٢٧).
(١٤) ((مواهب الجليل)) لحطاب (٤/ ٢٧٠).
(١٥) ((المبسوط)) للسرخسي (٣/ ١٤٨)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ٧٦).
(١٦) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٦٧)، ((التاج والإكليل)) للمواق (٢/ ٤١٣).
(١٧) ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٨٩)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥١٧).
(١٨) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٣٣٦)، ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٣٦٥).
(١٩) قال ابن قدامة: (لا يجب التتابع، وذلك لا يقتضي جمعا ولا تفريقا. وهذا قول الثوري، وإسحاق، وغيرهما. ولا نعلم فيه مخالفا). ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤١٨).
(٢٠) ((المبسوط)) للسرخسي (٣/ ١٤٨).
(٢١) رواه البخاري (١٦٩١)، ومسلم (١٢٢٧)
(٢٢) ((المبسوط)) للسرخسي (٣/ ١٤٨)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٤/ ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>