للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز صوم أيَّام التشريق (١) لمن لم يجد الهدي، ولم يكن قد صامها قبل يوم النحر، وهذا مذهب المالكية (٢)، والحنابلة (٣)، وقولٌ للشافعية (٤)،وبه قال طائفة من السلف (٥)، واختاره البخاري (٦)، وابن عبدالبر (٧)، وابن حجر (٨)، وابن باز (٩)، والألباني (١٠)، وابن عثيمين (١١).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال تعالى: فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ [البقرة: ١٩٦].

وجه الدلالة:

أن عموم قوله: فِي الْحَجِّ يعم ما قبل يوم النحر وما بعده، فيدخل أيام التشريق.

ثانياً: من السنة:

عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا: ((لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لا يجد الهدي)) (١٢).

وجه الدلالة:

أن قول الصحابي لم يرخص أو رخص لنا، أو ما أشبه ذلك يعتبر مرفوعاً حكماً (١٣).

ثالثاً: أن صومها في أيام التشريق صوم لها في أيام الحج؛ لأن أيام التشريق أيام للحج، ففيها رمي الجمرات في الحادي عشر والثاني عشر وكذلك الثالث عشر (١٤).

المطلب الرابع: من لم يصم الهدي قبل عرفة هل يسقط عنه أو يبقى في ذمته؟

من لم يصم الثلاثة أيام في الحج فإنه لا يسقط الصيام عنه، ويلزمه بعد ذلك القضاء، وهذا مذهب الجمهور من المالكية (١٥)، والشافعية (١٦)، والحنابلة (١٧).

المطلب الخامس: من أخر صيام ثلاثة أيام التي في الحج حتى انتهى حجه، فهل تلزمه الفدية؟


(١) أيام التشريق: (هي أيام منى الثلاثة التي تلى يوم النحر). قال ابن عبدالبر: (لا خلاف بين العلماء أن أيام التشريق هي الأيام المعدودات، وهي أيام منى، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر كل هذه الأسماء واقعة على هذه الأيام ولم يختلفوا في ذلك). ((التمهيد)) (١٢/ ١٢٩)، ((فتح الباري)) (٤/ ٢٤٣).
(٢) ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدالبر (١/ ٣٤٦)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (١/ ٥٥٨).
(٣) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ١١١)، ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٢٤٩).
(٤) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٣/ ٤٥٥)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥١٧).
(٥) فهو قول: (ابن عمر، وعائشة رضي الله عنهما، والزهري، وعروة، والأوزاعي، وإسحاق) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (١٢/ ١٢٨)، ((فتح الباري)) لابن حجر (٣/ ٤٣٤).
(٦) ((فتح الباري)) لابن حجر (٤/ ٢٤٢).
(٧) قال ابن عبدالبر في صيامها لمن لم يجد الهدي: (وهو الأولى لأنها من أيام الحج وقد قال الله عز وجل: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدالبر (١/ ٣٤٧).
(٨) قال ابن حجر: (تعارض عموم الآية المشعر بالإذن، وعموم الحديث المشعر بالنهي، وفي تخصيص عموم المتواتر بعموم الآحاد نظر لو كان الحديث مرفوعا فكيف وفي كونه مرفوعا نظر؟ فعلى هذا يترجح القول بالجواز، وإلى هذا جنح البخاري. والله أعلم) ((فتح الباري)) (٤/ ٢٤٣).
(٩) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٦/ ٨٨).
(١٠) ((سلسلة الأحاديث الضعيفة)) للألباني (١٢/ ٣٨٢ رقم ٥٦٦٤).
(١١) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٦/ ٤٨١).
(١٢) رواه البخاري (١٩٩٧، ١٩٩٨)
(١٣) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٦/ ٤٨١، ٧/ ١٧٩).
(١٤) ((الاستذكار)) للنووي (٤/ ٤١٤)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمن (٧/ ١٧٩).
(١٥) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣٥١)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (٢/ ٨٤).
(١٦) ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٨٦)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥١٧).
(١٧) ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٣٦٤)، ((الإقناع)) لابن قدامة (١/ ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>