للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثالث: لا يستحب له إمرار الموسى على رأسه، وهو مرويٌّ عن أبي بكر ابن داود (١)، ومال إليه المرداوي (٢)، واختاره ابن عثيمين (٣).

وذلك للآتي:

١ - أن الحلق محله الشعر فسقط بعدمه، كما سقط وجوب غسل العضو في الوضوء بفقده.

٢ - أن القاعدة المتفق عليها أن الوسائل يسقط اعتبارها عند تعذر المقاصد، وإمرار الموسى وسيلةٌ لإزالة الشعر، وليست مقصودة بذاتها (٤).

المبحث السابع: حكم التيامن في حلق الرأس

المطلب الأول: حكم التيامن في حلق الرأس

يستحب التيامن في حلق الرأس، فيقدم الشق الأيمن، ثم الشق الأيسر، فإن لم يفعل أجزأه، وحكي الإجماع على ذلك (٥).

المطلب الثاني: بم يحصل التيامن في حلق الرأس؟

العبرة في التيامن في الحلق بيمين المحلوق، فيبدأ بشق رأسه الأيمن ثم الشق الأيسر، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (٦)، والشافعية (٧)، والحنابلة (٨)، واختاره ابن الهمام من الحنفية (٩).

الأدلة:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة، ثم انصرف إلى البدن فنحرها، والحجام جالس. وقال بيده عن رأسه، فحلق شقه الأيمن فقسمه فيمن يليه، ثم قال: احلق الشق الآخر، فقال: أين أبو طلحة؟ فأعطاه إياه)) أخرجه مسلم (١٠).

وفي روايةٍ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((لما رمى- أي النبي عليه الصلاة والسلام- الجمرة ونحر نسكه وحلق، ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري رضي الله عنه فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر فقال: احلق: فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، فقال: اقسمه بين الناس)) (١١).


(١) قال النووي: (وحكى أصحابنا عن أبي بكر بن داود أنه قال: لا يستحب إمراره) ((المجموع)) (٨/ ٢١٢).
(٢) قال المرداوي: (لو عدم الشعر استحب له إمرار الموسى، قاله الأصحاب وقاله أبو حكيم في ختانه، قلت: وفي النفس من ذلك شيء، وهو قريبٌ من العبث) ((الإنصاف)) (٤/ ٣٠).
(٣) قال ابن عثيمين: (ومثل ما لو أن أحداً أصلع ليس له شعر اعتمر أو حج، والحج والعمرة يجب فيهما الحلق أو التقصير، فما نقول له: احلق؛ لأنه ما له شعر، وليس عليه أن يمر الموسى على رأسه، كما قاله بعض العلماء؛ فإن هذا عبث) ((الشرح الممتع)) (١٣/ ٤١٢).
(٤) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (٢/ ٣٢)، ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٧٠)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٤٥٧).
(٥) قال شمس الدين ابن قدامة: (السنة أن يبدأ بشق رأسه الأيمن، ثم الأيسر لهذا الخبر، فإن لم يفعل أجزأه، لا نعلم فيه خلافاً) ((الشرح الكبير)) (٣/ ٤٥٦).
(٦) ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ١٨٢)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (٢/ ٣٣٥).
(٧) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ١٦٢)، ((المجموع)) للنووي (٨/ ٢٠٣).
(٨) ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ٢٩)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٥٠٢).
(٩) قال ابن الهمام: ( ... ثم قال للحلاق: "خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس" وهذا يفيد أن السنة في الحلق البداءة بيمين المحلوق رأسه وهو خلاف ما ذكر في المذهب وهذا الصواب) ((فتح القدير)) (٢/ ٤٨٩).
(١٠) رواه مسلم (١٣٠٥).
(١١) رواه مسلم (١٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>