للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز المبيت خارج منى، لمن كان له عذر آخر غير السقاية والرعي، وتسقط عنه الفدية، والإثم، وذهب إلى ذلك الشافعية (١)، وبعض الحنابلة (٢)، وهو اختيار ابن باز (٣)، وابن عثيمين (٤).

وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لأصحاب سقاية الحجيج ورعاة الإبل تنبيها على غيرهم, أو نقول: نص عليه لمعنى وُجِد في غيرهم , فوجب إلحاقه بهم (٥).

المطلب السابع: حكم المبيت لمن لم يجد مكاناً مناسباً في منى


(١) [٢٨٣٢])) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ١٩٩)، ((المجموع)) للنووي (٨/ ٢٤٦ - ٢٤٨).
(٢) [٢٨٣٣])) ((الفروع)) لابن مفلح (٦/ ٦١)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٥١٠).
(٣) [٢٨٣٤])) قال ابن باز: (المبيت في منى يسقط عن أصحاب الأعذار كالسقاة والمريض الذي يشق عليه المبيت في منى، لكن يشرع لهم أن يحرصوا في بقية الأوقات على المكث بمنى مع الحجاج؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إذا تيسر ذلك) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٦/ ١٤٩). وقال أيضا: (يُرخَّص للسقاة والرعاة والعاملين على مصلحة الحجاج أن يتركوا المبيت في منى، ويؤخروا الرمي لليوم الثالث إلا يوم النحر، فالمشروع للجميع فعله وعدم تأخيره) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٦/ ١٤٩).
(٤) [٢٨٣٥])) قال ابن عثيمين: (إن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للعباس أن يبيت في مكة من أجل سقاية الحاج، وهذا عمل عام، وكذلك رخص للرعاة أن يتركوا المبيت بمنى؛ لأنهم يرعون رواحل الحجيج، ويشبه هؤلاء من يترك المبيت لرعاية مصالح الناس كالأطباء وجنود الإطفاء، وما أشبه ذلك، فهؤلاء ليس عليهم مبيت؛ لأن الناس في حاجة إليهم. وأما من بهم عذر خاص كالمريض والممرض له وما أشبه، ذلك فهل يلحقون بهؤلاء؟ على قولين للعلماء: فمن العلماء من يقول: إنهم يُلحقون لوجود العذر. ومن العلماء من يقول: إنهم لا يلحقون؛ لأن عذر هؤلاء خاص، وعذر أولئك عام. والذي يظهر لي أن أصحاب الأعذار يلحقون بهؤلاء كمثل إنسان مريض احتاج أن يرقد في المستشفى هاتين الليلتين إحدى عشرة واثنتي عشرة فلا حرج عليه، ولا فدية لأن هذا عذر، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يرخص للعباس رضي الله عنهما مع إمكانه أن ينيب أحداً من أهل مكة الذين لم يحجوا يدل على أن مسألة المبيت أمرها خفيف، يعني ليس وجوبها بذلك الوجوب المحتَّم، حتى إن الإمام أحمد رحمه الله رأى أن من ترك ليلة من ليالي منى فإنه لا فدية عليه، وإنما يتصدق بشيء يعني عشرة ريالات أو خمسة ريالات حسب الحال) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٣/ ٢٣٧ - ٢٣٨). وقال أيضاً: (أهل السقاية أي: سقاية الحجاج من زمزم، والرعاية رعاية إبل الحجاج، وذلك أن الناس فيما سبق يحجون على الإبل، فإذا نزلوا في منى احتاجوا إلى من يرعى إبلهم؛ لأن بقاءها في منى فيه تضييق، وربما لا يتوفر لها العلف الكافي؛ لهذا يذهب بها الرعاة إلى محلات أخرى من أجل الرعي، وقد رخَّص النبي صلى الله عليه وسلم للرعاة أن يدعوا المبيت بمنى ليالي منى لاشتغالهم برعاية الإبل) ((الشرح الممتع)) (٧/ ٣٩٠ - ٣٩١).
(٥) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>