للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عكرمة قال: سمعت الحجاج بن عمرو الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كسر أو عرج فقد حل، وعليه الحج من قابل)). قال عكرمة: سألت بن عباس وأبا هريرة عن ذلك فقالا: صدق (١)

ثالثا: أن المعنى الذي لأجله ثبت حق التحلل للمحصر بالعدو موجود كذلك في المرض (٢).

المبحث الثاني: أنواع الإحصار

المطلب الأول: الإحصار عن الوقوف بعرفة

اختلف الفقهاء فيمن أحصر عن الوقوف بعرفة دون البيت إلى ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنه ليس بمحصر، وهو مذهب الحنفية (٣). ورواية عن أحمد (٤)؛ لأنه إن قدر على الطواف له أن يتحلل به، فلا حاجة إلى التحلل بالهدي كفائت الحج (٥).

القول الثاني: يعتبر محصراً، ويتحلل بأعمال العمرة، وهو مذهب المالكية (٦)، والشافعية (٧). لأنه لما جاز أن يتحلل عن جميع الأركان كان إحلاله من بعضها أولى (٨).

القول الثالث: يتحلل بعمرة، ولا شيء عليه إن كان قبل فوات وقت الوقوف، وهو مذهب الحنابلة (٩)، واختاره ابن عثيمين (١٠). لأنه يجوز لمن أحرم بالحج أن يجعله عمرة ولو بلا حصر، ما لم يقف بعرفة (١١).

المطلب الثاني: الإحصار عن طواف الإفاضة

اختلف الفقهاء فيمن وقف بعرفة ثم أحصر عن البيت على ثلاثة أقوال:

القول الأول: لا يكون محصرًا، وعليه القيام بأعمال الحج، ويظل محرماً في حق النساء حتى يطوف طواف الإفاضة، وهذا مذهب الحنفية (١٢)، والمالكية (١٣).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

عن عبدالرحمن بن يعمر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الحج عرفة)) (١٤).

وجه الدلالة:


(١) رواه أبو داود (١٨٦٢)، والترمذي (٩٤٠)، والنسائي (٥/ ١٩٨)، وابن ماجه (٢٥١٥)، وأحمد (٣/ ٤٥٠) (١٥٧٦٩)، والدارمي (٢/ ٨٥) (١٨٩٤)، والحاكم (١/ ٦٥٧)، والبيهقى (٥/ ٢٢٠) (١٠٣٩١). قال الترمذي: (حسن صحيح)، وقال ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (٢/ ٣٤٧): (صحيح ثابت)، وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (٨/ ٣٠٩)، وصححه ابن دقيق في ((الاقتراح)) (١٠٢)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (٢٥١٥)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (٣٠١)
(٢) ((المبسوط)) للسرخسي ٤/ ١٩٣.
(٣) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٣/ ٦١)، ((الهداية شرح البداية)) للميرغناني (١/ ١٨٢)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (١/ ٤٥٤).
(٤) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٢٩) ..
(٥) ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (١/ ٤٥٤).
(٦) ((الشرح الكبير)) للدردير (٢/ ٩٥)، ((حاشية الدسوقي)) (٢/ ٩٥).
(٧) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ٣٤٩).
(٨) والفرق بين هذا القول والذي قبله- وإن تشابهت الصورة بينهما- أن النتيجة تختلف، فالحنفية يعتبرونه تحلل فائت حج، فلا يوجبون عليه دمًا، بينما يعتبره المالكية والشافعية تحلل إحصار، فعليه دم. ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (٢/ ٢٠٠).
(٩) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٢٩)، ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ٥٢)، ((الإقناع)) للحجاوي (١/ ٤٠٠).
(١٠) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٤١٧).
(١١) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٤١٧).
(١٢) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٣/ ٦٠)، ((فتح القدير)) لابن الهمام (٣/ ١٣٤).
(١٣) ((التاج والإكليل)) للمواق (٣/ ١٩٩)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) للدردير (٢/ ٩٥).
(١٤) رواه الترمذي (٨٨٩)، وابن خزيمة (٤/ ٢٥٧) (٢٨٢٢)، والحاكم (٢/ ٣٠٥). قال الترمذي: (حسن صحيح)، وقال الحاكم: صحيح ولم يخرجاه، وقال ابن عبدالبر في ((الاستذكار)) (٣/ ٦٣٨): (لا أشرف ولا أحسن من هذا)، وصححه النووي في ((المجموع)) (٨/ ٩٥)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي))

<<  <  ج: ص:  >  >>