للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زمان ذبح الهدي هو مطلق الوقت، ولا يتوقت بيوم النحر، بل أي وقت شاء المحصر ذبح هديه، وهو مذهب جمهور الفقهاء من: الحنفية (١)، والشافعية (٢)، والحنابلة (٣).

الدليل:

قوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: ١٩٦].

وجه الدلالة:

أنه أطلق عندما ذكر الهدي ولم يوقته بزمان، والتقييد بالزمان نسخ أو تخصيص لنص الكتاب القطعي، وهذا لا يجوز إلا بدليل، وأيضا قوله تعالى: حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة: ١٩٦] والمراد بمحله للعمرة هو الحرم دون الوقت، فصار كالمنطوق به فيه، فاقتضى ذلك جواز ذبحه في الحرم أي وقت شاء في العمرة، فكذلك هو للحج. (٤)

الفرع الثالث: العجز عن الهدي

اختلف الفقهاء فيما إذا عجز المحصر عن الهدي هل عليه بدل، إلى أقوال، منها:

القول الأول: أن من لم يجد الهدي ليس عليه بدل، وله أن يتحلل، وهو قول عند الشافعية (٥)، واختاره ابن عثيمين (٦). وذلك للآتي:

أولا: لما سكت الله عزّ وجل عن الصيام في الإحصار، وأوجبه في التمتع لمن عدم الهدي، دل على أن من لم يجد الهدي من المحصرين ليس عليه شيء، فيحل بدون شيء.

ثانيا: أن الظاهر من حال كثير من الصحابة رضي الله عنهم أنهم فقراء، ولم ينقل أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمرهم بالصيام، والأصل براءة الذمة (٧).

القول الثاني: من لم يجد الهدي يلزمه أن يصوم عشرة أيام ثم يحل، وهو مذهب الحنابلة (٨)، وأشهب من المالكية (٩)، وقول عند الشافعية (١٠)، واختاره ابن باز (١١).

الدليل:

أولاً: القياس:

لأنه دم واجب للإحرام، فكان له بدل، كدم التمتع والطيب واللباس، ويتعين الانتقال إلى صيام عشرة أيام، كبدل هدي التمتع (١٢).

ثانياً: المحصر ليس له أن يتحلل إلا بعد الصيام، كما لا يتحلل واجد الهدي إلا بنحره (١٣).

الفرع الرابع: ما يجب من الهدي على المحصر القارن

اختلف الفقهاء فيما يجب على المحصر القارن من الهدي إلى قولين:

القول الأول: يجب على المحصر القارن هدي واحد، وهو مذهب الشافعية (١٤)، والحنابلة (١٥). وذلك لأنه محرم بإحرام واحد ويدخل إحرام العمرة في الحجة، فيكفيه دم واحد (١٦).

القول الثاني: المحصر القارن عليه هديان، وهو مذهب الحنفية (١٧)،وذلك لأنه محرم بإحرامين فلا يحل إلا بهديين (١٨).

المطلب الثالث: الحلق أو التقصير


(١) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٨٠)، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: (إن المحصر عن الحج لا يذبح عنه إلا في أيام النحر).
(٢) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٣٠٤).
(٣) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٢٨).
(٤) (أحكام القرآن)) للجصاص (١/ ٣٤٢).
(٥) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٢٩٩).
(٦) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١٨٤).
(٧) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١٨٤).
(٨) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٣٠)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٥٥).
(٩) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ١٨٩).
(١٠) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٢٩٩).
(١١) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٨/ ٧).
(١٢) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٣٠)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٥٥).
(١٣) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٣٠).
(١٤) ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥٣٤).
(١٥) ((الإقناع)) للحجاوي (١/ ٣٩٩).
(١٦) ((بدائع الصنائع)) (٢/ ١٧٩).
(١٧) ((بدائع الصنائع)) (٢/ ١٧٩).
(١٨) ((بدائع الصنائع)) (٢/ ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>