للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز للمضحي أن يستنيب في ذبح أضحيته إذا كان النائب مسلما، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (١). والمالكية (٢)، والشافعية (٣). والحنابلة (٤)، وحُكِيَ فيه الإجماع (٥).

دليل ذلك من السنة:

عن جابر رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثاً وستين بدنة ثم أعطى عليًّا فنحر ما غبر منها)) (٦).

المبحث الثامن: أيهما أفضل ذبح الأضحية أو التصدق بثمنها؟

ذبح الأضحية أفضل من التصدق بثمنها، نص على هذا فقهاء الحنفية (٧)، والمالكية (٨)، والحنابلة (٩)، واختاره ابن باز (١٠)، وابن عثيمين (١١).

الأدلة:

أولاً: أن إيثار الصدقة على الأضحية يفضي إلى ترك سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم (١٢).

ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى والخلفاء بعده، ولو علموا أن الصدقة أفضل لعدلوا إليها (١٣).

ثالثاً: أن الأضاحبي واجبة عند طائفة من الفقهاء، أما التصدق بثمنها فهو تطوع محض (١٤).

رابعاً: أن الأضاحي تفوت بفوات وقتها خلاف الصدقة بثمنها فإنه لا يفوت، نظير الطواف للآفاقي فإنه أفضل له من الصلاة لأن الطواف في حقه يفوت بخلاف المكي (١٥).

خامساً: أن فيها جمعاً بين التقرب إلى الله تعالى بإراقة الدم والتصدق، ولا شك أن الجمع بين القريتين أفضل (١٦).

المبحث التاسع: إعطاء الجزار من الأضحية ثمناً لذبحه

لا يجوز إعطاء الذابح من الأضحية ثمنا لذبحه، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (١٧)، والمالكية (١٨)، والشافعية (١٩)، والحنابلة (٢٠).

الأدلة:

أولاً: من السنة:


(١) ((بدائع الصنائع)) (٥/ ٧٩)، ((البحر الرائق)) (٨/ ٢٠٣).
(٢) إلا أن المالكية يرون الكراهة. ((الشرح الكبير)) للدردير (٢/ ١٢١)، ((مواهب الجليل)) (٤/ ٣٧٣).
(٣) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٤٠٥).
(٤) ((المغني)) لابن قدامة (٩/ ٤٥٥)، (كشاف القناع) للبهوتي (٣/ ٨).
(٥) قال ابن عبدالبر: (جائز أن ينحر الهدى [غير] صاحبها ألا ترى أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نحر بعض هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أمر لا خلاف بين العلماء في إجازته) ((التمهيد)) (٢/ ١٠٧)، ((الاستذكار)) (٤/ ٣٠٨).
(٦) جزء من حديث رواه مسلم (١٢١٨).
(٧) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٨/ ٢٠٠).
(٨) ((حاشية الدسوقي)) (٢/ ١٢١)، ((التاج والإكليل)) (٣/ ٢٤٤).
(٩) ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ٧٧)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٥٨٢).
(١٠) قال ابن باز: (ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٨/ ٤١).
(١١) قال ابن عثيمين: (ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها حتى إنك لو ملأت جلدها بالدراهم وتصدقت بهذه الدراهم لكان ذبحها أفضل من ذلك، وليس الحكمة من الأضحية حصول اللحم وأكل اللحم، ولكن الحكمة التقرب إلى الله تعالى بذبحها، قال تعالى: لَنْ يَنَالَ الله لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ *الحج: ٣٧*، فظن بعض الناس أنه المقصود من ذلك الآكل، والانتفاع باللحم، وهذا فهم قاصر، فالأهم أن تتعبد لله عز وجل بذبحها). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٥/ ١٩٤، ١٩٥).
(١٢) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٥٨٢).
(١٣) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٥٨٢).
(١٤) ((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (٦/ ٥).
(١٥) ((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (٦/ ٥).
(١٦) ((العناية شرح الهداية)) (٩/ ٥١٣).
(١٧) ((البحر الرائق)) (٨/ ٢٠٣)، ((بدائع الصنائع)) (٥/ ٧٩).
(١٨) ((الشرح الكبير)) للدردير (٢/ ١٢٤).
(١٩) ((الحاوي الكبير)) (١٥/ ١٢٠).
(٢٠) ((المغني)) لابن قدامة (٩/ ٤٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>