للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((إذا نسي أحدكم أن يُسمي على الذبيحة فليُسم وليأكل)) (١).

ثالثاً: أن النسيان يسقط المؤاخذة، والجاهل مؤاخذ، ولذلك يفطر الجاهل بالأكل في الصوم دون الناسي (٢).

رابعاً: أن إسقاط التسيمة في حال النسيان عليه إجماع السلف (٣).

القول الثالث: أنها سنة مؤكدة، وهذا مذهب الشافعية (٤)،وهو رواية عن أحمد (٥)،وبه قال طائفة من السلف (٦)، واختاره ابن عبدالبر (٧).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ [المائدة: ٣].

وجه الدلالة:

أنه أباح المذكَّى ولم يذكر التسمية (٨).

الآية الثانية: قال الله تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ [المائدة: ٥].

وجه الدلالة:

أن الله تعالى أباح ذبائحهم ولم يشترط التسمية (٩).

ثانياً: من السنة:

عن عائشة رضي الله عنها: ((أن قوما قالوا: يا رسول الله، إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سموا الله عليه وكلوه)) (١٠).

وجه الدلالة:

أنه لو كان وجود التسمية شرطا لما رخص لهم بالأكل عند وقوع الشك فيها، كما في شرط حصول الذكاة، وكأنه قيل لهم: لا تهتموا بذلك بل الذي يهمكم أنتم أن تذكروا اسم الله وتأكلوا (١١).

٢ - عن ابن عباس رضي الله عنهما, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)) (١٢).

ثالثاً: أن التسمية لو كانت فرضا ما سقطت بالنسيان لأن النسيان لا يسقط ما وجب عمله من الفرائض (١٣).

رابعاً: إجماعهم في ذبيحة الكتابي أنها تؤكل وإن لم يسم الله عليها إذا لم يسم عليها غير الله، وإجماعهم كذلك: أن المجوسي والوثني لو سمى الله لم تؤكل ذبيحته، وفي ذلك بيان أن ذبيحة المسلم حلال على كل حال لأنه ذبح بدينه (١٤).

المبحث الثاني: إنهار الدم


(١) رواه عبدالرزاق في ((المصنف)) (٤/ ٤٧٩).
(٢) ((المغني)) لابن قدامة (٩/ ٣٨٩).
(٣) ذكره بن جرير إجماعا في سقوطها سهوا، ولم يلتفت إلى خلاف الظاهرية ومن وافقهم. ينظر: ((الإنصاف)) (١٠/ ٣٠١).
(٤) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٤١٠)، ((مغني المحتاج)) (٤/ ٢٧٢).
(٥) ((الإنصاف)) (١٠/ ٣٠٢).
(٦) قال ابن عبدالبر: وهو قول بن عباس وأبي هريرة وعطاء وسعيد بن المسيب والحسن وجابر بن زيد وعكرمة وعطاء وابي رافع وطاوس وإبراهيم النخعي وعبدالرحمن بن أبي ليلى وقتادة. ((الاستذكار)) (٥/ ٢٥٠).
(٧) قال ابن عبدالبر: التسمية على الذبيحة سنة مسنونة لا فريضة ولو كانت فرضا ما سقطت بالنسيان لأن النسيان لا يسقط ما وجب عمله من الفرائض إلا أنها عندي من مؤكدات السنن وهي آكد من التسمية على الوضوء وعلى الأكل. ((الاستذكار)) (٥/ ٢٤٩).
(٨) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٤١١).
(٩) ((المجموع)) (٨/ ٣٨٨).
(١٠) رواه البخاري (٢٠٥٧).
(١١) ((فتح الباري لابن حجر)) (٩/ ٦٣٦).
(١٢) رواه ابن ماجه (٢٠٤٥)، والحاكم (٢/ ١٩٨)، والبيهقي (٧/ ٣٥٦). قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وحسنه النووي في ((الأربعين النووية)) (٣٩)، وقال ابن كثير في ((تحفة الطالب)) (٢٣٢): إسناده جيد، وحسنه ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (١/ ٢٨١)، وقال الشوكاني في ((فتح القدير)) (١/ ٤٦١): لا تقصر عن رتبة الحسن لغيره، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (٢٠٤٥) ..
(١٣) ((الاستذكار)) (٥/ ٢٤٩).
(١٤) ((الاستذكار)) (٥/ ٢٥٠، ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>