للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجب أن يكون ذبح الهدي الواجب في جزاء الصيد، في الحرم، وهذا مذهب جمهور الفقهاء: الحنفية (١)، والشافعية (٢)، والحنابلة (٣)، واختاره الطبري (٤)، وابن حزم (٥)، والشنقيطي (٦)، وابن عثيمين (٧).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب

قوله تعالى في جزاء الصيد: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: ٩٥].

وجه الدلالة:

أنه لو جاز ذبحه في غير الحرم؛ لم يكن لذكر بلوغه الكعبة معنى (٨).

ثانياً: من السنة

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((نحرت ها هنا، ومنى كلها منحر)) (٩)، وعنه أيضاً مرفوعاً: ((هذا المنحر, وفجاج مكة كلها منحر)) (١٠).

وجه الدلالة:

أنه حيثما نُحِرَت البدن, والإهداء من فجاج مكة ومنى والحرم كله، فقد أصاب الناحر (١١).

ثالثاً: أن الهدي اسمٌ لما يهدى إلى مكان الهدايا، ومكان الهدايا الحرم؛ وإضافة الهدايا إلى الحرم ثابتةٌ بالإجماع (١٢).

رابعاً: أن هذا دمٌ يجب للنسك؛ فوجب أن يكون في مكانه وهو الحرم (١٣).

المطلب الرابع: توزيع الصدقة على مساكين الحرم


(١) ((الهداية)) للميرغيناني (١/ ١٨٦)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ٢٢٤).
(٢) ((المجموع)) للنووي (٨/ ١٨٧،١٩١)، ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ١٨٧).
(٣) ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٣٧٦)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤١٦).
(٤) قال الطبري: (يجوز نحر الهدي حيث شاء المهدي إلا هدي القران، وجزاء الصيد، فإنهما لا ينحران إلا بالحرم) ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ٢٧٢)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (١/ ٣٧٨).
(٥) قال ابن حزم: (لا يجوز نحر البدن والهدي في غير الحرم، إلا ما خصَّه النص من هدي المحصر, وهدي التطوع إذا عطب قبل بلوغه مكة) ((المحلى)) (٧/ ١٥٦).
(٦) قال الشنقيطي: (إن اختار جزاءً بالمثل من النعم، وجب ذبحه في الحرم خاصة; لأنه حق لمساكين الحرم، ولا يجزئ في غيره، كما نصَّ عليه تعالى بقوله: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ *المائدة: ٩٥*، والمراد الحرم كله، كقوله: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ*الحج: ٣٣*، مع أن المنحر الأكبر منى) ((أضواء البيان)) (١/ ٤٤٣).
(٧) قال ابن عثيمين: (ويستثنى من فعل المحظور جزاء الصيد، فإن جزاء الصيد لا بد أن يبلغ إلى الحرم؛ لقول الله تعالى: فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ*المائدة: ٩٥*، إلى أن قال: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ*المائدة: ٩٥*، وهل المراد في الحرم ذبحاً وتفريقاً أو ذبحاً فقط، أو تفريقاً فقط؟ الجواب: المراد ذبحاً وتفريقاً، فما وجب في الحرم، وجب أن يُذبح في الحرم، وأن يُفرَّق ما يجب تفريقه منه في الحرم) ((الشرح الممتع)) (٧/ ٢٠٧).
(٨) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ٢٢٤)، ((الهداية)) للميرغيناني (١/ ١٨٦).
(٩) رواه مسلم (١٢١٨)
(١٠) رواه أبو داود (١٩٣٧)، وابن ماجه (٢٤٩١)، وأحمد (٣/ ٣٢٦) (١٤٦٥٣٨)، والدارمي (٢/ ٧٩) (١٨٧٩)، وابن خزيمة (٤/ ٢٤٢) (٢٧٨٧)، والحاكم (١/ ٦٣١)، والبيهقي (٥/ ١٢٢) (٩٧٧٥). صححه ابن الملقن في البدر المنير (٦/ ٤٢٧)، وحسنه الزيلعي في ((نصب الراية)) (٣/ ١٦٢)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (١٩٣٧): حسن صحيح.
(١١) ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ١٥٦ رقم ٨٣٦).
(١٢) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ٢٢٤)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (٣/ ١٦٣).
(١٣) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٢/ ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>