للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُشتَرَط أن توزَّع الصدقة على مساكين الحرم، وهو مذهب الشافعية (١)، والحنابلة (٢)، واختاره الشنقيطي (٣)، وابن باز (٤)، وابن عثيمين (٥). (٦)

الدليل:

قوله تعالى: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: ٩٥].

وجه الدلالة:

أنَّ في حكم الهدي ما كان بدلاً عنه من الإطعام؛ فيجب أن يكون مثله كذلك، بالغ الكعبة (٧).

المطلب الخامس: موضع الصيام

يجوز الصيام في أي موضع (٨).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب

قوله تعالى: أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا [المائدة: ٩٥].

وجه الدلالة:

أنه أطلق الصيام، ولم يقيده بشيء، والواجب البقاء على إطلاقات النصوص، وعدم التصرف بتقييدها من غير دليل (٩).

ثانياً: الإجماع:

نقل الإجماع على ذلك ابن عبدالبر (١٠)، وابن قدامة (١١).

ثالثاً: أن الصيام لا يتعدى نفعه إلى أحد، فلا معنى لتخصيصه بمكان، بخلاف الهدي والإطعام، فإن نفعه يتعدى إلى من يُعطاه (١٢).

رابعاً: أن الصوم عبادةٌ تختص بالصائم لا حق فيها لمخلوق؛ فله فعلها في أي موضعٍ شاء (١٣).

المطلب السادس: اشتراط التتابع في الصيام

لا يشترط التتابع في الصيام (١٤).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب

قوله تعالى: أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا [المائدة: ٩٥].

وجه الدلالة:

أنه أطلق الصيام، ولم يقيِّده بشيء، والواجب البقاء على إطلاقات النصوص، وعدم التصرف بتقييدها من غير دليل (١٥).

ثانياً: الإجماع

نقل النووي الإجماع على ذلك (١٦).


(١) ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ١٥٦)
(٢) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤٤٩)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٥٢، ٤٦).
(٣) قال الشنقيطي: (ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يطعم إلا في الحرم، وذهب بعضهم إلى أنه يطعم في موضع إصابة الصيد، وذهب بعضهم إلى أنه يطعم حيث شاء، وأظهرها أنه حقٌّ لمساكين الحرم; لأنه بدلٌ عن الهدي، أو نظيرٌ له، وهو حقٌّ لهم إجماعاً، كما صرح به تعالى بقوله: هدياً بالغ الكعبة) ((أضواء البيان)) (١/ ٤٤٥).
(٤) قال ابن باز: (وهكذا الصيد يكون جزاؤه في الحرم، إذا كان جزاؤه غير الصيام، كالذبح والطعام يكون لمساكين الحرم) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٧/ ١٢٨).
(٥) قال ابن عثيمين: (ولو ذبحه في منى، وفرَّقه في عرفة، والطائف، والشرائع، أو غيرها من الحل، لم يجزئ؛ لأنه لا بد أن يكون لمساكين الحرم؛ وعلى هذا فيضمن اللحم بمثله لمساكين الحرم. وذهب بعض العلماء إلى أنه لو ذبحه خارج الحرم، وفرقه في الحرم أجزأه؛ لأن المقصود نفع فقراء الحرم وقد حصل، وهذا وجهٌ للشافعية، ولا ينبغي الإفتاء به إلا عند الضرورة، كما لو فعل ذلك أناسٌ يجهلون الحكم، ثم جاءوا يسألون بعد فوات وقت الذبح، أو كانوا فقراء؛ فحينئذٍ ربما يسع الإنسان أن يفتي بهذا القول) ((الشرح الممتع)) (٧/ ٢٠٧).
(٦) فائدة: قال ابن عثيمين: (مساكين الحرم: من كان داخل الحرم من الفقراء، سواء كان داخل مكة، أو خارج مكة، لكنه داخل حدود الحرم، ولا فرق بين أن يكون المساكين من أهل مكة، أو من الآفاقيين، فلو أننا وجدنا حجاجاً فقراء، وذبحنا ما يجب علينا من الهدي وأعطيناه إياهم فلا بأس، والدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليًّا أن يتصدق بلحم الإبل التي أهداها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يستثن أحداً، فدل هذا على أن الآفاقي مثل أهل مكة؛ ولأنهم أهلٌ أن يُصرف لهم، وهل المراد بالمساكين، الفقراء والمساكين، أو المساكين فقط؟ الجواب: المراد الفقراء والمساكين؛ لأنه إذا جاء لفظ المساكين وحده، أو لفظ الفقراء وحده، فكل واحد منهما يشمل الآخر، وأما إذا جاء لفظ المساكين ولفظ الفقراء، فالفقراء أشد حاجةً من المساكين، كما بينَّا ذلك في كتاب الزكاة) ((الشرح الممتع)) (٧/ ٢٠٤ - ٢٠٥).
(٧) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٦٠).
(٨) ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ١٧٩)، ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣٣٤)، ((التاج والإكليل)) للمواق (٣/ ١٨٠)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٤٣٨)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٥٢).
(٩) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٤٣٨)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٥٢).
(١٠) قال ابن عبدالبر: (لا خلاف في الصيام أن يصوم حيث شاء) ((الاستذكار)) (٤/ ٢٧٢).
(١١) قال ابن قدامة: (أما الصيام فيجزئه بكل مكان لا نعلم في هذا خلافا، كذلك قال ابن عباس، وعطاء، والنخعي، وغيرهم) ((المغني)) (٣/ ٤٧١).
(١٢) ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ٢٧٢)، ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤٧١).
(١٣) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (١/ ٤٤٥).
(١٤) ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ١٧٩)، ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣٣٤)، ((التاج والإكليل)) للمواق (٣/ ١٨٠)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٤٣٨)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٥٢).
(١٥) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٤٣٨)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٥٢).
(١٦) قال النووي: (الصوم الواجب هنا يجوز متفرقاً ومتتابعاً، نصَّ عليه الشافعي، ونقله عنه ابن المنذر، ولا نعلم فيه خلافاً) ((المجموع)) (٧/ ٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>