بحافر حمار - قلنا: نعم يارسول الله - فتخلف بعض القوم فعقل رواحلهم، وضم متاعهم، ثم أخرج عيبته وألقى عنه ثياب السفر، ولبس من صالح ثيابه، ثم أقبل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد بسط النبي - صلى الله عليه وسلم - رجله واتكأ، فلما دنا منه الأشج، أوسع القوم له. وقالوا: ههنا ياأشج، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - واستوى قاعداً وقبض رجله:((ههنا يا أشج)) فقعد عن يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - فرحب به، ولاطفه، وسأله عن بلاده، وسمى له قرية قرية: الصفا، والمشقر، وغير ذلك من قرى هجر، فقال: بأبي وأمي يارسول الله لأنت أعلم بأسماء قرانا منا، فقال:((إني قد وطئت بلادكم، وفسح لي فيها)) قال: ثم أقبل على الأنصار، فقال:((يامعشر الأنصار، أكرموا إخوانكم، فإنهم أشباهكم في الإسلام أشبه بكم أشعاراً أسلموا طائعين غير مكرهين ولاموتورين)) إذ أبى قوم أن يسلموا حتى قتلوا. قال: فلما أن أصبحوا، قال:((كيف رأيتم كرامة إخوانكم لكم وضيافتهم لكم؟)) قالوا: خير إخوان، ألانوا فراشنا، وأطابوا طعامنا، وباتوا وأصبحوا يعلموننا كتاب ربنا وسنة نبينا. فأعجب النبي - صلى الله عليه وسلم - وفرح بنا، ثم أقبل علينا رجلاً رجلاً يعرضنا على مايعلمنا ويعلمنا، فمنا من علم التحيات، ومنا من علم أم الكتاب، والسورة، والسورتين، والسنن، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال:((هل معكم منأزوادكم شيء؟)) ففرح القوم بذلك.
وابتدروا برحالهم، فأقبل كل رجل منهم معه صبرة من تمر، فوضعوها على نطع بين يديه، فأومأ بجريدة في يده كان يختصرها، فقال:((فوق الذراع ودون الذراعين)) فقال: ((أتسمون هذا التعضوض؟)) قلنا: نعم. ثم أومأ إلى صبرة، فقال:((أتسمون هذا الصرفان؟)) قالوا: نعم. ثم أومأ إلى صبرة، فقال: ((أتسمون هذا