للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الناس وأوسطهم وآخرهم، قال: «وأيضاً فبايع» ، فبايعته ثم قال: «أين درقتك أو جحفتك التى أعطيتك» ، قال: قلت: يا رسول الله لقينى عمى عامر عزلاً، فأعطيته إياها، قال: فقال: «إنك كالذى قال اللهم ابغنى حبيبا هو أحب إلى من نفسى» ، وضحك ثم إن المشركين راسلونا الصلح، حتى مشى بعضنا إلى بعض. قال: وكنت تبيعا لطلحة بن عبيد الله أحس (١) فرسه، وأسقيه، وآكل من طعامه، وتركت أهلى ومالى مهاجراً إلى الله ورسوله، فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة، واختلط بعضنا ببعض أتيت الشجرة فكسحت شوكها، وانبطحت فى ظلها، فأتانى أربعة من أهل مكة، فجعلوا وهم مشركون يقعون فى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتحولت عنهم إلى شجرة أخرى، وعلقوا سلاحهم، واضطجعوا، فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادى: / يا آل المهاجرين.

قتل ابن زنيم، فاخترطت سيفى، فشددت على الأربعة فأخذت سلاحهم، فجعلته ضغثا (٢) ثم قلت: والذى أكرم محمداً لا يرفع رجلٌ منكم رأسه إلا ضربت الذى ـ يعنى فيه عيناه ـ فجئت أسوقهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجاء عمى عامر بن مكرز يقود به فرسه يقود سبعين حتى وقفناهم فنظر إليهم، فقال: دعوهم يكون لهم بدو الفجور، عفا عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنزلت {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} (٣) ثم رجعنا إلى المدينة، فنزلنا منزلاً يقال له لحى جمل (٤) ، فاستغفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن رقى الجبل فى تلك الليلة، وكان طليعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فرقيت تلك الليلة


(١) أحس فرسه: حس الدابة يحسها حساً نفض عنها التراب، والمراد يتعهد الفرس ويرعاه. يراجع اللسان.
(٢) ضغثا: أى حزمة. النهاية: ٣/٢١.
(٣) الآية ٢٤ من سورة الفتح.
(٤) لحى جمل: موضع بين مكة والمدينة. معجم البلدان ٥/١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>