فانطلقت، فإذا نهر من دم فيه رجل، وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة، فيقبل الرجل الذى في النهر، فإذا دنا ليخرج، رمى في فيه بحجر، فيرجع إلى مكانه، فهو يفعل ذلك. فقلت: ما هذا؟ فقالا لى: انطق انطلق.
فانطلقت، فإذا روضة خضراء فإذا فيها شجرة عظيمة، وإذا شيخ في أصلها حوله صبيان، وإذا رجل قريب منه بين يديه نار، فهو يحسها فيوقدها، فصعدا بى في الشجرة، فأدخلانى دارًا لم أر قط أحسن منها، فإذا فيها رجال شيوخ وشباب، وفيها نساء وصبيان، فأخرجانى منها، فصعدا في الشجرة، فأدخلانى دارًا أفضل وأحسن منها، فيها شيوخ / وشباب، فقلت لهما: إنكما قد طوَّفْتما بى منذ الليلة، فأخبرانى عما رأيت.
قالا: نعم، أما الرجل الأول الذى رأيت فإنه رجل كذاب يكذب الكذبة، فتحملُ عنه في الآفاق، فهوة يصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة ثم يصنع الله به ما يشاء، وأما الرجل الذى رأيت مستلقيا فرجل أتاه الله القرآن، فنام عنه بالليل، ولم يعمل بما فيه بالنهار، فهو يفعل به ما رأيت إلى يوم القيامة، وأما الذى رأيت في التنور فهم الزناة، وأما الذى رأيت في النهر فذاك آكل الربا.
وأما الشيخ الذى رأيت في أصل الشجرة فذاك إبراهيم عليه السلام، وأما الصبيان الذى رأيت فأولاد الناس، وأما الرجل الذى رأيت يوقد النار ويحسها، فذاك مالك، خازن النار، وتلك النار، وأما الدار التى دخلتها أولا فدار عامة المؤمنين، وأما الدار الأخرى فدار الشهداء وأنا جبريل وهذا ميكائيل، ثم قالا لى: ارفع رأسك، فرفعت فإذا كهيئة السحاب، فقالا لى: وتلك دارك. فقلت لهما: فدعانى أدخل دارى، فقالا: إنه قد