فضرب عرقوب فرسه بالسيف، فوقع ثم أتبعه ضربًا بالسيف، حتى قتله.
فلما فتح الله الفتح أقبل يسأل السلب، وقد شهد له الناس بأنه قاتله، فأعطاه خالد بعض سلبه، وأمسك سائره، فلما رجع إلى رحل عوف ذكره، فقال له عوفٌ: ارجع إليه فليعطك ما بقى، فرجع إليه، فأبى عليه، فمشى عوفٌ، حتى أتى خالدًا فقال: أما تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى، قال: فما يمنعك أن تدفع إليه سلب قتيله؟ قال خالد: استكثرته له، فقال: لئن رأيت وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأذكرن ذلك له.
فلما قدم المدينة بعثه عوفٌ فاستعدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدعا خالدًا- وعوفٌ قاعدٌ-، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا يَمْنَعُكَ يَا خَالِدٌ [أَنْ تَدْفَعَ] إِلَى هَذَا سَلْبَ قَتِيلِه؟» قال: استكثرته له يا رسول الله، قال:«ادْفَعْهُ إِلَيْهِ»(١) .
قال: فمر بعوفٍ فجر عوفٌ بردائه، قال: أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فسمعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال:» لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدٌ، لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِى أُمَرَائِى إِنَّمَا مَثَلُكُم كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى إِبِلاً وَغَنَمًا فَرَعَاهَا، ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا، فَأَوْرَدَهَا حَوْضًا، فَشَرَعَتْ فِيهِ، فَشَرِبَتْ الْمَاءَ، وَتَرَكَتْ كَدَرَةُ، فَصَفْوَةُ [أَمْرِهِم] لَكُمْ وَكَدَرُهُ عَلَيْهِم» .
(١) من حديث عوفٌ بن مالك الأشجعى الأنصارى فى المسند: ٥/٢٦؛ وما بين المعكوفات استكمال منه.