للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استخدام بني جنسه، وسخَّر له الخيل والإبل، وسلَّطه على دواب الماءِ، واستنزال الطير من الهواء، وقهرِ الوحوش (١) العادية، وحفر الأنهار، وغرس الأشجارِ، وشقِّ الأرض، وتعلية البناءِ، والتحيّل على جميع مصالحه (٢)، والتحرز والتحفظ ممَّا (٣) يؤذيه = ظن المسكينُ أنَّ له نصيبًا من الملك، وادَّعى لنفسه ملكةً (٤) مع اللَّه، ورأى نفسه بغير تلك العين الأولى، ونسي ما كان فيه من حالة الإعدام والفقر والحاجة، حتَّى كأنَّه لم يكن هو ذلك الفقير المحتاج المضطر (٥)، بل كان ذلك شخصًا آخر غيرَه؛ كما روى (٦) الإمام أحمد في مسنده من حديث بُسْر (٧) بن جِحَاش القرشي أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بصق يومًا في كفِّه فوضع عليها إصبعه ثمَّ قال: "قال اللَّه عزَّ وجلّ: بُنَيَّ (٨) آدم، أنَّى تعجزني! وقد خلقتك من مثل هذه، حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بُردين، وللأرض منك وئيد (٩)، فجمعتَ


(١) "ك، ط": "الوحش".
(٢) "جميع" ساقط من "ك، ط".
(٣) "ط": "لما".
(٤) "ط": "ملكًا".
(٥) "المضطر" ساقط من "ك، ط"، وفي "ك": "والمحتاج".
(٦) "ف": "أخبر"، خلاف الأصل.
(٧) كذا بالسين المهملة في الأصل. وفي غيره بالمعجمة، قال ابن منده: أهل العراق يقولون "بسر" بالمهملة، وأهل الشام يقولونه بالمعجمة. وقال الدَّارقطني وابن زبر وابن ماكولا: لا يصح بالمعجمة، أمَّا أبوه "جحاش" فضبط في الأصل بكسر الجيم، ويقال أيضًا بفتحها وتثقيل الحاء.
انظر: الإصابة (١/ ٢٩١)، وتوضيح المشتبه (١/ ٥٢١). وفي "ن" حاشية لم تظهر كاملة في المصورة، أشير فيها إلى قول ابن منده.
(٨) "ط": "يا ابن آدم".
(٩) الوئيد: صوت شدّة الوطء على الأرض يُسمع كالدويّ من بُعد.