للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل [حدّ آخر للمحبة]

قال (١): "وقيل: المحبّة موافقة المحبوب فيما ساءَ وسرّ، ونفع وضرّ، كما قيل:

وأهنتِني فأهنتُ نفسي صاغرًا ... ما مَن يهون عليكِ ممَّن أُكرِمُ (٢) "

فيقال: وهذا الحدّ أيضًا من جنس ما قبله، فإنَّ موافقة المحبوب من موجَبات المحبة وثمراتها، وليست نفس المحبّة؛ بل المحبَّة تستدعي الموافقة، وكلَّما كانت المحبة أقوى كانت الموافقة أتمّ. قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ} [آل عمران/ ٣١].

قال الحسن: قال قوم على عهد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنَّا نحبّ ربنا، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (٣).

وقال الجنيد: ادَّعى قوم محبة اللَّه، فأنزل اللَّه آية المحبة وهي قوله (٤): {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}. يعني أنَّ متابعة الرسول هي موافقة حبيبكم، فإنَّه المبلّغ عنه ما يحبه وما يكرهه، فمتابعته موافقة اللَّه في فعل ما يحبّ وترك ما يكره (٥).


(١) محاسن المجالس (٩٠).
(٢) في "ب" والمجالس: "يكرم". والبيت لأبي الشيص وقد سبق في ص (٥٨٣)، وسيأتي مرّة أخرى ضمن أبيات في ص (٦٥٩).
(٣) تفسير الطبري (٦/ ٣٢٢ - ٣٢٣).
(٤) "وهي قوله" ساقط من "ك، ط".
(٥) "فمتابعته. . ." إلى هنا ساقط من "ط". وفي "ك": "يحبّه وترك ما يكرهه".