للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل لبعضهم: أترى اللَّهَ كلَّف عبادَه ما لا يطيقون، ثمَّ يعذبهم عليه؟ قال: واللَّهِ قد فعل ذلك، ولكن لا نجسر أن نتكلم! (١)

وأراد رجل من هؤلاء السفر، فودَّع أهلَه وبكى. فقيل له (٢): استودِعْهم اللَّه، واستحفظهم إيَّاه. فقال: ما أخاف عليهم غيرَه!

وقال بعض هؤلاء: زَنيةٌ أزنيها (٣) أحبُّ إليَّ من عبادة الملائكة. قيل؟ ولم؟ قال: لعلمي بأنَّ اللَّه قضاها عليَّ وقدَّرها، ولم يقضها إلا والخِيرةُ لي فيها.

وقال بعضُ هؤلاء: العارف لا ينكر منكرًا، لاستبصاره بسرِّ اللَّهِ في القدر (٤).

ولقد دخل شيخ من هؤلاء بلدًا، فأوَّلُ ما بدأ به من المزارات (٥) زيارة المواخير المشتملة على البغايا والخمور، فجعل يقول: كيف أنتم في قدر اللَّه؟ كيف أنتم في قدر اللَّه؟ (٦)

وسمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: عاتبتُ بعضَ شيوخ هؤلاءِ فقال لي: المحبة نارٌ تُحرِق من القلب ما سوى مراد المحبوب، والكونُ


(١) نقل ابن قتيبة نحوه عن هشام بن الحكم شيخ الإمامية. انظر: تأويل مختلف الحديث (٩٨).
(٢) "له" ساقط من "ك، ط".
(٣) "ك، ط": "ذنبة أذنبها"، تصحيف.
(٤) نقله المصنف في شفاء العليل (٣٩) من إشارات ابن سينا، وسيأتي مرَّة أخرى في ص (٧٣٥).
(٥) "ط": "الزيارات".
(٦) وردت هذه الجملة في "ك، ط" مرَّة واحدة.