للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمجرد (١) الاعتبار من غير تعويض لمن أصابته، وردَّ عليه جماهيرُ القدَرية ذلك. قالوا: والآلام التي يفعلها سبحانه إمَّا أن تكون مستحقة كعقوبات الدنيا وعذاب الآخرة، وإمَّا للتعويض، وإمَّا للمصلحة الرَّاجحة، قالوا: وما يفعله في الآخرة منها فكله للاستحقاق (٢)، وما يفعله في الدنيا فللعوض والمصلحة، وقد يفعله عقوبة، وأمَّا ما شرعه من أسباب الألم فعقوبات محضة.

وأمَّا مشايخ القوم فقالوا: إنَّما يحسن منه تبارك وتعالى الإيلام لأنَّه المنعم (٣) بالصحة والحياة، ولأنَّه في حكم من أعار تلك المنفعة لمن لا يملكها، فله قطعُها إذا شاءَ، ولأنَّه قادرٌ على التعويض عالم بقدره، وليس كذلك الواحد منَّا (٤). قالوا: فإذا استرجع عاريَّة الصحة والحياة خلَفَها الألم (٥)، ولا بد.

وأطالوا الكلام في الآلام وأسبابها، وما يحسن منها وما يقبح، وعلى أي وجه يقع؛ وحصروا أنفسهم غاية الحصر، فاستطالت عليهم الجبرية بالأسولة والمضايقات، وألجأوهم إلى مضايق "تضايَقُ عنها أن تَوَلَّجَها الأبَرُ" (٦)، وأضحكوا العقلاءَ منهم بإبداءِ تناقضهم، وألزموهم إلزاماتٍ


= أبو علي الجبائي يصفه بالحذق في الكلام ثم يقول: "لولا جنونه! ". الفهرست (٢١٥)، لسان الميزان (٣/ ٢٢٩).
(١) "ب، ك": "بمجرد".
(٢) "ب ": "وكل ما يفعل. . فهو للاستحقاق".
(٣) "ب": "الآلام لأنه منعم".
(٤) "ط": "من الخلق".
(٥) "ب": "الألم والموت".
(٦) عجز بيت لطرفة بن العبد، وصدره: =