للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا التكليف نظير التكليف في البرزخ (١) بالمسألة، فمن أجاب في الدنيا طوعًا واختيارًا أجاب في البرزخ، ومن امتنع من الإجابة في الدنيا مُنِع منها في البرزخ. ولم يكن تكليفه في تلك الحال (٢) -وهو غير قادر- قبيحًا؛ بل هو مقتضى الحكمة الإلهية؛ لأنَّه كُلِّف وقتَ القدرة فأبى (٣)، فإذا كُلِّف وقت العجز وقد حيل بينه وبين الفعل، كان عقوبة له وحسرة.

والمقصود أنَّ التكليف لا ينقطع إلا بعد دخول الجنَّة أو النَّار. وقد تقدَّم أنَّ حديث الأسود بن سريع صحيح، وفيه التكليف في عرصة القيامة. فهو مطابق لما ذكرنا من النصوص الصحيحة الصريحة. فعلم أنَّ الذي تدلّ عليه الأدلّة الصحيحة، وتأتلف به النصوص، وهو (٤) مقتضى الحكمة = هو هذا القول، واللَّه أعلم.

وقد حكى بعض أهل المقالات عن ثمامة (٥) بن أشرس أنَّه ذهب إلى أنَّ الأطفال يصيرون يوم القيامة (٦) ترابًا.

وقد نقل عن ابن عباس ومحمد ابن الحنفية والقاسم بن محمد وغيرهم أنَّهم كرهوا الكلام في هذه المسألة جملةً (٧).


(١) "ك، ط": "تكليف البرزخ".
(٢) "ك، ط": "في الحال".
(٣) "ك، ط": "مكلف. . . وأبى".
(٤) "هو" هنا وفيما بعد ساقط من "ب، ك، ط".
(٥) "ب، ك، ط": "عامر"، تحريف. وثمامة متكلّم بصري من رؤوس المعتزلة. انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (١٠/ ٢٠٣)، وقد نقل قوله البغدادي في الفرق بين الفرق (١٥٧).
(٦) "ك، ط": "في يوم القيامة".
(٧) انظر: التمهيد (١٨/ ١٢٤ - ١٢٦، ١٣٢). وقد ذكر المؤلف في أحكام أهل =