للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هذا قول أبي يزيد (١): "قيل لي ما تريد؟ قلتُ: أريد أن لا أريد، لأنِّي أنا المراد وأنت المريد" (٢).

فيقال: ليس المراد من "العوامّ" في كلامهم العامَّة (٣) الجهال، وإنَّما مرادهم بهذه اللفظة عموم السالكين، دون أهل الخصوص الواصلين إلى (٤) منازل الفناء وعين الجمع. وإذا عرف هذا فالكلام على ما ذكر في الإرادة من وجوه:

أحدها: أنَّ الإرادة هي مَركَب العبودية، وأساس بنائها الذي لا تقوم إلا عليه، فلا عبودية لمن لا إرادة له. بل أكمل الخلق (٥) عبوديّةً ومحبّةً، وأصحّهم حالًا، وأقومهم معرفةً = أتمّهم إرادةً. فكيف يقال: إنَّها حِلية (٦) العوامّ أو من منازل العوامّ؟

الوجه الثاني: أنَّه يلزم من هذا أن تكون المحبّة من منازل العوام، وتكون معلولةً أيضًا؛ لأنَّها إرادة تامَّة للمحبوب (٧)، ووجود المحبة بلا إرادة كوجود الإنسانية من غير حيوانية، وكوجود (٨) مقام الإحسان


= (٢/ ٣٠١).
(١) البسطامي، الزاهد المشهور.
(٢) محاسن المجالس لابن العريف (٧٦ - ٧٧)، وسيصرَّح المؤلف بالنقل عنه بعد قليل.
(٣) "ب": "العوام".
(٤) "إلى" ساقط من "ب، ك، ط".
(٥) زاد في المطبوعة هنا: "أكملهم"، وزاد الواو قبل "أتمهم" فاختلَّ السياق.
(٦) في الأصل: "حيلة"، وهو سبق قلم. وكذا في "ف، ب".
(٧) "ب": "إرادة لمحبوبه".
(٨) "ب": "وجود".