للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا استشهاده بقوله تعالى: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا} [الأنفال/ ١٧]. فالبلاءُ الحسن هنا هو النعمة بالظفر والغنيمة والنصر على الأعداء، وليس من الابتلاء الذي هو الامتحان بالمكروه، بل مِن أبلاه بلاءً حسنًا (١)، إذا أنعمَ عليك (٢). يقال: "أبلاك اللَّه، ولا ابتلاك". فـ "بلاه" في الخير (٣)، و"ابتلاه" بالمكاره غالبًا، كما في الحديث: "إنِّي مبتليك ومبتلٍ بك" (٤).

فصل [حزنهم]

قال: "وحزنُهم: يأسُهم عن أنفسهم الأمَّارة بالسوء. {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦)} [العاديات/ ٦] " (٥).

وقد تقدَّم أيضًا الكلامُ على ما ذكره في الحزن. وأمَّا تفسيره إيَّاه بأنَّه "يأسهم عن أنفسهم الأمارة بالسوء"، فليس بالبيّن، فإنَّ الحزن هو الأسف على فوت محبوب أو حصول مكروه. وإن تعلَّق ذلك بالماضي كان حزنًا، وإن تعلَّق بالمستقبل كان خوفًا وهمًّا.

وأمَّا اليأس عن النفس الأمارة بالسوء، فليس بحزن؛


(١) "فالبلاء الحسن هنا. . . " إلى هنا سقط من "ف" لانتقال النظر ولم يستدرك في المقابلة!
(٢) كذا في الأصل و"ف، ك". وفي "ب، ط": "عليه" وهو أنسب للسياق.
(٣) "ك، ط": "بالخير".
(٤) من حديث عياض بن حمار المجاشعي رضي اللَّه عنه. أخرجه مسلم (٢٨٦٥) في كتاب الجنة، ولفظه: "إنّما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك".
(٥) محاسن المجالس (٩٦).