للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير أهله، كما تأبى أن تمنعه (١) من يصلح له. وهو سبحانه الَّذي جعل المحلّ صالحًا وجعله أهلًا وقابلًا، فمنه الإعداد والإمداد، ومنه السبب والمسبَّب.

ومن اعترض بقوله: فهلَّا جعل المحالّ كلها كذلك، وجعل القلوب على قلب واحد! فهو من أجهل الناس وأضلهم وأسفههم، وهو بمنزلة من يقول: لم خلق الأضداد، وهلَّا جعلها كلَّها شيئًا (٢) واحدًا! فلم خلق الليل والنهار، والفوق والتحت، والحر والبرد، والداءَ والدواء (٣)، والشياطين والملائكة، والروائح الطيبة والكريهة، والحلو والمر، والحسن والقبيح؟ وهل يسمح خاطرُ من له أدنى مُسْكةٍ من عقل بمثل هذا السؤال الدَّال على حمق سائله وفساد عقله؟ وهل ذلك إلا موجَب (٤) ربوبيته وإلهيته وملكه وقدرته ومشيئته وحكمته، ويستحيل أن يتخلف موجب صفات كماله عنها.

وهل حقيقة الملك إلا بإكرام الأولياء وإهانة الأَعداءِ؟ وهل تمام الحكمة وكمال القدرة إلا بخلق المتضادات والمختلفات، وترتيب آثارها عليها، وإيصال ما يليق بكل منها إليه؛ وهل ظهور آثار أسمائه وصفاته في العالمِ إلا من لوازم ربوبيته وملكه؛ فهل يكون رزَّاقًا وغفَّارًا وعفوًّا (٥) ورحيمًا وحليمًا (٦)، ولم يوجد من يرزقه، ولا من يغفر له،


(١) "ط": "يمنعه".
(٢) "ط": "سببًا"، تصحيف.
(٣) "ك، ط": "الداء والدواء".
(٤) "ط": "بموجب"، وصحح في القطرية.
(٥) "ك": "غفورًا"، تحريف.
(٦) "ط": "حليمًا رحيمًا"، وسقط "رحيمًا" من القطرية.