للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من النفاق غيرك.

وقال ابن أبي مليكة: أدركتُ ثلاثين من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كلّهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنَّه على إيمان جبريل وميكائيل (١).

الطبقة السادسة عشرة (٢): طبقة (٣) رؤساءِ الكفر وأئمته ودعاته الذين كفروا وصدّوا عباد اللَّه عن الإيمان وعن الدخول في دينه رغبةً ورهبةً. فهؤلاء عذابهم مضاعَف، ولهم عذابان: عذاب الكفر، وعذاب بصدِّ النَّاس عن الدخول في الإيمان. قال تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل/ ٨٨]. فأحد العذابين بكفرهم، والعذاب الآخر بصدّهم عن سبيل اللَّه.

وقد استقرَّت حكمة اللَّه وعدله أن يجعل على الداعي إلى الضلال مثل آثام من اتبعه واستجاب له. ولا ريبَ أنَّ عذاب هذا يتضاعف ويتزايد بحسب من اتَّبعه وضلَّ به. وهذا النوع في الأشقياء مقابل دعاة الهدى في السعداء، فأولئك يتضاعف ثوابهم وتعلو درجاتهم بحسب من اتَّبعهم واهتدى بهم، وهؤلاء عكسهم.

ولهذا كان فرعون وقومه في أشدِّ العذاب، قال تعالى في حقهم: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ


(١) "وقال ابن أبي مليكة. . . " إلى هنا سقط من "ف". وقول ابن أبي مليكة هذا ذكره البخاري تعليقًا في كتاب الايمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر.
(٢) في الأصل: "عشر"، وكذا في غيره. والمثبت من "ط".
(٣) "طبقة" ساقط من "ك، ط".