للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحبة أعلى منه، فإنَّ المحبة لا تزول باللقاءِ. وبهذا يتبين الكلام في:

الفصل الثاني، وهو الفرق بينه وبين المحبة

والفرق (١) بينهما فرق ما بين الشيء وأثره. فإنَّ الحامل على الشوق هو المحبة، ولهذا يقال: لمحبتي له اشتقتُ إليه، وأحببتُه فاشتقتُ إلى لقائه. ولا يقال: لشوقي إليه أحببتُه، ولا: اشتقتُ إلى لقائه فأحببتُه. فالمحبَّة بَذْرٌ في القلب. والشوق بعض ثمرات ذلك البذر.

وكذلك من ثمراتها: حمدُ المحبوب، والرضا عنه، وشكره، وخوفه، ورجاؤه، والتنعّم بذكره، والسكون إليه، والأنس به، والوحشة بغيره. وكلّ هذه من أحكام المحبة، وثمراتها، وموجباتها (٢).

فمنزلة الشوق من المحبة منزلة الهرب من البغضاء والكراهة. فإنَّ القلب إذا أبغض الشيء وكرهه جدّ في الهرب منه، وإذا أحبّه جدّ في الهرب إليه وطلبه؛ فهو حركة القلب في الظفر بمحبوبه.

ولشدَّة ارتباط الشوق بالمحبّة يقع كلُّ واحد منهما موقعَ صاحبه، ويُفهَم منه، ويُعبَّر به عنه.

فصل وأمَّا المسائل فإحداها: هل يجوز إطلاقه على اللَّه تعالى؟

فهذا ممَّا لم يرد به القرآن ولا السنَّة بصريح لفظه. قال صاحب "منازل السائرين" وغيره: وسبب ذلك أنَّ الشوق إنَّما يكون لغائب.


(١) حذف الواو في "ط"، وزاد بين حاصرتين: "الفصل الثاني".
(٢) "ط": "وهو حياتها"، تحريف طريف!