للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قاعدة شريفة عظيمة القدر حاجةُ العبدِ إليها أعظمُ من حاجته إلى الطعام والشراب والنفس، بل وإلى الروح التي بين جنبيه (١)

اعلم أنَّ كلَّ حيٍّ سوى اللَّه فهو فقيرٌ إلى جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، والمنفعة للحي من جنس النعيم واللّذة، والمضرَّةُ من جنس الألم والعذاب. فلا بُدَّ له (٢) من أمرين: أحدهما هو المطلوب المقصود المحبوب الذي يَنتفعُ ويلتذُّ (٣) به، والثاني هو المعين الموصِل المحصِّل لذلك المقصود، والمانع لحصول المكروه، أو الدافع (٤) له بعد وقوعه.

فهاهنا أربعةُ أشياء: أمرٌ محبوب مطلوب الوجود، والثاني: أمرٌ مكروهٌ مطلوب العدم، والثالث: الوسيلة إلى حصول المحبوب، والرابع: الوسيلة إلى دفع المكروه. فهذه الأمور الأربعة ضروريةٌ للعبد، بل ولكلّ حي سوى اللَّه، لا يقوم صلاحُه إلا بها.

إذا عرف هذا فاللَّه سبحانه وتعالى هو المطلوب المعبود المحبوب وحده لا شريك له، وهو وحده المعين للعبد على حصول مطلوبه، فلا معبود سواه، ولا معين على المطلوب غيره؛ وما سواه هو المكروهُ


(١) من هنا إلى ص (١٣٢) قارن بمجموع الفتاوى (١/ ٢١ - ٣٣)، فقد بنى المصنف كلامه في هذه القاعدة وما تبعها من فصلين وأول الفصل الثالث على كلام شيخه، ونقل معظمه بنصه. وكذا فعل في "إغاثة اللهفان": الباب السادس (٧٠ - ٩٦) غير أنه رتبه هناك على نحو آخر.
(٢) "له" ساقط من "ك، ط".
(٣) "ك، ط": "به ويتلذذ".
(٤) في "ك، ط": "والدافع".