للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها (١): شهود السبب الموصل إليها، والغاية المطلوبة منها فقط. وهو شهود الحيوانات، إذ لا تشهد إلّا طريق قضاء (٢) وطَرها، وبرد النفس بعد تناولها. وهذا الضرب من الناس ليس بينه وبين الحيوان البهيم في ذلك فرق إلّا تدقيق (٣) الحيلة في الوصول إليها، وربّما زاد غيره من الحيوانات عليه في تناولها ولذّته بها (٤).

المشهد الثاني (٥): من يشهد مع ذلك مجرّدَ الحكم القدري وجريانه عليه، ولا يتجاوز (٦) شهوده ذلك. وربما رأى أنّ الحقيقة هي توفية هذا المشهد حقَّه، ولا يتمّ له ذلك إلّا بالفناءِ عن شهود فعله هو جملة، فيشهد الفاعلَ فيه غيرَه والمحرّكَ له (٧) سواه، فلا ينسب إلى نفسه فعلًا، ولا يرى لها إساءَة، ويزعم أن هذا هو التحقيق والتوحيد.

وربّما زاد على ذلك أنّه يشهد نفسه مطيعًا من وجه، وإن كان عاصيًا من وجه آخر، فيقول: "أنا مطيع للإرادة (٨) والمشيئة، وإن كنت عاصيًا للأمر" (٩). فإن (١٠) كان ممَّن يرى الأمر تلبيسًا وضبطًا لِلرَّعاع عن الخبطِ


(١) سقاه في المفتاح: "المشهد الحيواني البهيمي".
(٢) "قضاء" ساقط من "ك، ط".
(٣) "ك، ط": "بدقيق"، تصحيح.
(٤) "ك": "مع تناولها ولذّتها". "ط": "مع. . . لذاتها".
(٥) سمّاه في المفتاح: "مشهد الجبر". وانظر: المدارج (١/ ٤٨٥).
(٦) "ب، ك": "يجاوز". "ط": "يجوز".
(٧) "له" ساقط من "ك، ط".
(٨) "ك، ط": "الإرادة".
(٩) سبق في ص (٥٥).
(١٠) "ك، ط": "وإن".