للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودون ذلك، فهم في الموازنة على نحو طبقات الإنس المتقدِّمة، إلا أنَّهم ليس فيهم رسول. وأفضل درجاتهم درجة الصالحين، ولو كان لهم درجة أفضل منها لذكروها. فقد دلَّ القرآن على انقسامهم إلى ثلاثة أقسام: صالحين، ودونهم، وكفار. وزاد عليهم الإنس بدرجة الرسالة والنبوة ودرجة المقرَّبين. واللَّه تعالى أعلم.

فهذا ما وصل إليه الإحصاءُ من طبقات المكلّفين في الدار الآخرة، وهي ثمان عشرة طبقة، وكلّ طبقة منها لها أعلى وأدنى ووسط، وهم درجات عند اللَّه. واللَّه تعالى يحشر الشكل مع شكله والنظير مع نظيره، ويقرن (١) بينهما في الدرجة.

قال تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الصافات/ ٢٢ - ٢٣]. قال الإمام أحمد وقبله عمر بن الخطاب: "أزواجهم": أشباههم ونظراؤهم (٢).

وقال تعالى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (٧)} [التكوير/ ٧]. روى النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب أنَّه سئل عن هذه الآية فقال: يُقرَن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح في الجنَّة، ويُقرَن بين الرجل السَّوء مع الرجل السَّوء في النَّار (٣). وقال الحسن وقتادة: يلحق كل امرئ بشيعته، اليهودي باليهودي، والنصراني بالنصراني (٤). وقال الربيع بن خُثيَم:


(١) "ف، ب": "يفرق"، تحريف.
(٢) تفسير الطبري (٢٣/ ٤٦)، زاد المسير (٧/ ٥٢). وانظر الكافية الشافية (٢١).
(٣) تفسير الطبري (٣٠/ ٦٩). وكذا النصّ "بين الرجل. . مع. . . " في الموضعين في الأصل وغيره، وفي التفسير. وحذفت كلمة "بين" في "ط".
(٤) المصدر السابق (٣٠/ ٧٠).