للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في مراتب المكلَّفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيها. وهم ثمانِ عشرةَ طبقةً (١)

الطبقة الأولى وهي العليا على الإطلاق: مرتبة الرسالة. فأكرمُ الخلق على اللَّه وأخصُّهم بالزلفى لديه رسلُه، وهم المصطفون من عباده الذين سلَّم عليهم في العالمين، كما قال تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١)} [الصافات/ ١٨١]. وقال: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (٧٩)} [الصافات/ ٧٩] (٢)، {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (١٠٩) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الصافات/ ١٠٩ - ١١٠]، {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (١٣٠)} [الصافات/ ١٣٠].

وقال تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل/ ٥٩] وكلمة السلام هنا تحتمل أن تكون داخلةً في حيّز القول، فتكون معطوفة على الجملة الخبرية، وهي "الحمد للَّه"، ويكون الأمر بالقول متناولًا للجملتين معًا، وعلى هذا فيكون الوقف على الجملة الأخيرة، ويكون محلّها النصب محكيَّةً بالقول.

ويحتمل أن تكون جملةً مستأنفةً مستقِلَّةً معطوفةً على جملة الطلب. وعلى هذا فلا محلَّ لها من الإعراب. وهذا التقدير أرجح، وعليه يكون


(١) لابن حزم فصل موجز في هذا الموضوع، ذكر فيه عشر طبقات، وهي المذكورة هنا برقم (٤ - ٦) و (٨ - ١٣) والعاشرة: من مات كافرًا. انظر: التلخيص لوجوه التخليص (١٠٧ - ١١٨). ولعلّ المؤلف صدر عن هذا الفصل، ثم بنى بناءه مع إضافاته.
(٢) في "ك، ط" زيادة: "وقال".