للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحبوب لمساخط حبيبه فهو بمنزلة المحبوب الذي فرّ من محبّه وآثر غيرَه عليه. فإذا عاوده، وأقبل إليه، وتخلّى عن غيره، فكيف لا يفرح به محبُّه أعظمَ فرح وأكملَه؟ والشاهد أقوى شاهد بهذا والفطرة (١) والعقل، فلو لم يخبِر الصادقُ المصدوقُ بما أخبر به من هذا الأمر العظيم لكان في الفطرة والعقل ما يشهد به، فإذا انضافت الشرعة المنزلة إلى الفطرة المكفلة (٢) إلى العقل الصحيح (٣) المنوّر، فذلك الذي لا غاية (٤) بعده. وذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء، واللَّه ذو الفضل العظيم.

[فصل]

ومتى أراد العبد شاهِدَ هذا من نفسه فلينظر إلى الفرحة التي يجدها بعد التوبة النصوح، والسرور واللذّة التي تحصل له؛ والجزاءُ من جنس العمل. فلمّا تاب إلى اللَّه، ففرح اللَّه بتوبته، أعقبه فرحًا عظيمًا.

وههنا دقيقة قلّ من يتفطّن لها إلّا فقيه في هذا الشأن. وهي أنّ كلّ تائب لا بدّ له في أوّل توبته من عَصرة وضَغطة في قلبه، من همّ أو غمّ أو ضيق أو حزن، ولو لم يكن إلّا تألّم (٥) بفراق (٦) محبوبه، فينضغط لذلك وينعصر قلبه، ويضيق صدره؛ فأكثرُ الخلق رجعوا من التوبة ونُكِسوا


(١) كذا في الأصل وغيره. وفي "ط": ". . أقوى شاهد تؤيده الفطرة".
(٢) "إلى الفطرة المكملة" ساقط من "ط".
(٣) كلمة "الصحيح" ساقطة من "ط".
(٤) "ك، ط": "غاية له".
(٥) "ف": "تألمه"، خلاف الأصل. وكذا في "ك، ط".
(٦) "ب": "لفراق".