للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حبّها, ولم يتصرّف فيها. والكامل (١) من إذا ورد عليه الحال تصرف هو فيه، ولا يدع حاله يتصرّف فيه.

وأيضًا فإنَّ البقاء متضمن لشهود كمال المحبوب (٢)، ولشهود ذلّ عبوديته في محبته (٣)، ولشهود مراضيه وأوامره، والتمييز بين ما يحبه ويكرهه، والتمييز بين المحبوب إليه والأحبّ، والعزم على إيثار الأحبّ إليه. فكيف يكون الفاني عن شهود هذا بتغييب (٤) الحبّ له أكملَ وأقوى؟ وأي عبودية للمحبوب في فناءِ المحبّ في محبته؟ وهل العبودية كلّ العبودية إلا في البقاءِ والصحوِ، وكمالِ التمييز، وشهود عزّة محبوبه، وذلّه هو (٥) في حبّه واستكانته فيه، واجتماع إرادته كلها في تنفيذ مراد محبوبه؟

فهذا وأمثاله مما يدلّ على أنَّ الدرجة الثانية التي أشار إليها أكملُ من الثالثة وأتم. وهكذا في جميع أبواب الكتاب. واللَّه أعلم.

وكأنِّي بك تقول: لا يُقبَل (٦) في هذا إلا كلامُ مَن قطَع هذه المفاوِزَ حالًا وذوقًا، وأمَّا الكلام فيها بلسان العلم المجرد فغير مقبول، والمحبون أصحاب الحال والذوق في المحبة، لهم شأن وراءَ الأدلة والحجَج!


(١) "ك، ط": "الكمال".
(٢) "ب": "متضمن لكمال المحبوب".
(٣) "ك، ط": "عبوديته ومحبته".
(٤) "ط": "التغييب".
(٥) "ك، ط": "وذله وهو".
(٦) "ب": "لا نقبل"، والأصل غير منقوط.