للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا (١) أن يكون مراده أنَّ حزنهم ينشأ عن النفس الأمَّارة بالسوء لا عن المطمئنّة، فإنَّ النَّفس (٢) المطمئنّة لا تحزن، وإنَّما تحزن الأمَّارة لفوات محبوبها. وهذا ليس (٣) كما قال، فإنَّ المطمئنّة (٤) تحزن على تقصيرها في أداء الحقِّ، وعلى تضييعها الوقتَ وإيثارها غير اللَّه عليه في الأحيان، وهذا الحزن لا بدَّ منه لها (٥)، إذ التقصير والتضييع لازم.

وأمَّا استشهاده بقوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦)} [العاديات/ ٦] على ذلك (٦)، فوجهه أنَّ "الكنود" هو الكَفور، وهو الذي يذكر المصائب وينسى النعم. ولا ريب أنَّ الحزن ينشأ عن هذين، ولا ريبَ أنَّ الحزن الناشئ عن الكنود حزن ناشئ عن النفس الأمَّارة بالسوء. وأمَّا الحزن على تقصيره وتضييع وقته فليس من هذا. وقد تقدَّم ذلك وذكر أقسام الحزن ومتعلّقاته (٧).

فصل [خوفهم]

قال: "وخوفُهم: هيبة الجلال، لا خوفُ العذاب. فإنَّ خوفه (٨)


(١) مكانها في "ط": "ويمكن".
(٢) "النفس" ساقط من "ط".
(٣) "ك، ط": "ليس هذا".
(٤) "ك، ط": "النفس المطمئنة".
(٥) "لها" ساقط من "ك، ط".
(٦) "على ذلك" مقدّم في "ط" على "بقوله تعالى".
(٧) زاد في "ك، ط": "واللَّه أعلم". وقد تقدّم فصل الحزن في ص (٦٠٥).
(٨) يعني "خوف العذاب" كما في محاسن المجالس، وعليه يستقيم المعنى. وفي الأصل: "خوفهم"، وهو سهو، وكذا في النسخ الأخرى و"ط".