للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مناضلةٌ عن النفسِ وضَنٌّ بها، وهيبة الجلال تعظيمُ الحقِّ ونسيانُ النَّفس، {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل/ ٥٠]. وقال في حقِّ العوامّ: {يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧)} [النور/ ٣٧] " (١).

وقد تقدَّم الكلام أيضًا (٢) على ما ذكره في الخوف (٣) وعلَّته (٤).

وقوله: هو هيبة الجلال لا خوف العذاب، تقدَّم بيان بطلانه، وأنَّ اللَّه سبحانه أثنى على خاصَّة أوليائه من الملائكة والأنبياء وغيرهم ممن عبدهم المشركون بأنَّهم {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء/ ٥٧]. فكيف يقال: إنَّ خوف العذاب نقص ومناضلة عن النفس؟ هذا من الترّهات، والرعونات (٥)، ودعاوى الأنفس.

وقوله: إنَّ الخوف مناضلة عن النفس (٦). فسبحان اللَّه! هل يقال لمن خاف اللَّه وخاف عقوبته إنَّه يناضل ربّه عن نفسه؟ (٧) ولو كان مناضلة فهو مناضلة للعدو وللهوى وللشهوة (٨). وهذه المناضلة من أعظم أنواع العبودية، فإنَّ من خاف شيئًا ناضل عنه، فهو مناضلة عن العذاب وأسبابه. وما ثمّ إلا مناضلة، أو إلقاء (٩) باليد إلى التهلكة، ولولا هذه


(١) محاسن المجالس (٩٦).
(٢) "ب، ك، ط": "أيضًا الكلام".
(٣) "ط": "الحديث"، تحريف غريب. وكذا كان في "ك" ثم غيّر.
(٤) انظر فصل الخوف في ص (٦١٢).
(٥) "ط": "الزعوم"، تحريف.
(٦) "هذا من الترهات. . . " إلى هنا ساقط من "ب، ك".
(٧) "ط": "مناضل ربّه". وسقط عنها وعن "ب، ك": "عن نفسه".
(٨) "ب": "والهوى والشهوة". "ك، ط": "العدو والهوى والشهوة".
(٩) "ط": "وإلقاء" تحريف يقلب المعنى.