للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قاعدة (١) [السير إلى اللَّهِ لا يتمّ إلا بقوتين: علمية وعملية]

السائر إلى اللَّه والدار الآخرة، بل كلُّ سائرٍ إلى مقصد، لا يتم سيرُه ولا يصلُ إلى مقصوده إلا بقوَّتين: قوَّة علمية، وقوَّة عملية (٢).

فبالقوَّة العلمية يبصر منازل الطريق ومواضع السلوك، فيقصدها سائرًا فيها، ويجتنب أسبابَ الهلاكَ، ومواضعَ العطب، وطرقَ المهالك المنحرفة عن الطريق الموصل. فقوَّتُه العلمية كنورٍ عظيم بيده، يمشي به (٣) في ليلة مظلمة (٤) شديدة الظلمة. فهو يبصرُ بذلك النورِ ما يقع الماشي في الظلمة في مثله من الوِهاد والمتالف، ويعثر به من الأحجار والشوك وغيره. ويبصر بذلك النور أيضًا أعلامَ الطريقَ وأدلتها المنصوبة عليها، فلا يضل عنها. فيكشف له النور عن الأمرين: أعلام الطريق، ومعاطبها (٥).

وبالقوَّة العملية يسير حقيقةً، بل السيرُ هو حقيقة القوَّة العملية، فإنَّ السيرَ هو عمل المسافر (٦). وكذلك السائر إلى ربِّه إذا أبصرَ الطريق وأعلامَها، وأبصرَ المعاثر (٧) والوهاد والطرق الناكبة عنها، فقد حصل له شطر السعادة والفلاح. وبقيَ عليه الشطر الآخر، وهو أن يضع عصاه


(١) في "ب": "قاعدة شريفة".
(٢) وانظر مفتاح دار السعادة (١/ ٢١٤).
(٣) "به" ساقط من "ك، ط".
(٤) "ك، ط": "ليلة عظيمة مظلمة".
(٥) "ب": "معالمها"، تحريف.
(٦) "ب": "السائر".
(٧) "ك": "المغايرة"، تصحيف.