للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل [في أنَّ اللَّه هو الغني المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه] (١)

قال اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)} [فاطر/ ١٥].

بيَّن سبحانه في هذه الآية أنَّ فقرَ العباد إليه أمرٌ ذاتيٌّ لهم لا ينفك عنهم، كما أنَّ كونَه غنيًّا حميدًا أمرٌ (٢) ذاتيٌّ له. فغناه وحمده ثابت له لذاته لا لأمرٍ أوجبه، وفقرُ من سواه إليه أمرٌ (٣) ثابت لذاته لا لأمرٍ أوجبه. فلا يعلَّل هذا الفقر بحدوث ولا إمكان، بل (٤) هو ذاتي للفقير، فحاجة العبد إلى ربه لذاته، لا لعلَّة أوجبت تلك الحاجة؛ كما أنَّ غنى الرب عزَّ وجلَّ لذاته، لا لأمرٍ أوجبَ غناه، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

والفقرُ لي وصفُ ذاتٍ لازمٌ أبدًا ... كما الغنى أبدًا وصفٌ له ذاتي (٥)


(١) ما بين الحاصرتين من "ط".
(٢) "أمر" ساقط من "ط".
(٣) "ك": "سواه أمر" فسقط منها "إليه". وسقط "أمر" من "ط".
(٤) "ك": "فهو".
(٥) في "ك": "كما أنَّ الغنى وصف"، وهو خطأ، والبيت من جملة أبيات أوردها المصنف في مدارج السالكين (٢: ١٢)، وذكر أنَّ شيخ الإسلام بعث إليه في آخر عمره قاعدة في التفسير بخطه، وعلى ظهرها تلك الأبيات بخطه من نظمه. وانظر أيضًا (٢: ٤٩٤). وقال صاحب المنهج الأحمد: "ومن إنشاد الشيخ رحمه اللَّه لنفسه قبل موته بأيام" ثمَّ ذكر الأبيات. انظر: الجامع لسيرة شيخ الإسلام (٥٤٥ - ٥٤٦).