للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمقتضى هذه الصفة، بحيث يصيرُ لقلبه صَمَدٌ يعرج القلبُ إليه مناجيًا له مطرقًا واقفًا بين يديه وقوفَ العبد الذليل بين يدي الملك العزيز، فيشعر بأنَّ كلِمَه وعملَه صاعدٌ إليه معروضٌ عليه بين خاصَّته (١) وأوليائه، فيستحيي أن يصعد إليه مِن كلمه وعمله (٢) ما يُخزيه ويفضحه هناك؛ ويشهدُ نزول الأمر والمراسيم الإلهية إلى أقطار العوالم كلَّ وقت بأنواع التدبير والتصرف من الإماتة والإحياء، والتولية والعزل، والخفض والرفع، والعطاء والمنع، وكشف البلاءِ وإرساله، وتقليب (٣) الدول ومداولة الأيام بين النَّاس إلى غير ذلك من التصرّف (٤) في المملكة التي لا يتصرّف فيها سواه، فمراسيمُه (٥) نافذةٌ فيها كما يشاء {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥)} [السجدة/ ٥] = فمن أعطى هذا المشهد حقَّه معرفةً وعبوديةً استغنى به.

وكذلك من شهِد مشهدَ العلم المحيط الذي لا يعزُب عنه مثقال ذرَّةٍ في الأرض ولا في السماوات ولا في قرار البحار ولا تحت أطباق الجبال؛ بل أحاط بذلك كلّه (٦) علمًا تفصيليًّا، ثمَّ تعبَّد بمقتضى هذا الشهود من حراسة خواطره، وإراداته (٧)، وعزماته، وجوارحه علمًا


(١) "ك": "مع خاصته". ط: "مع أوفى خاصته"!
(٢) "وعمله" ساقط من "ط".
(٣) "ك، ط": "تقلب".
(٤) "ك، ط": "التصرفات".
(٥) "ك، ط": "فمراسمه".
(٦) "ط": "علمه"، تحريف.
(٧) "ك، ط": "وإرادته وجميع أحواله"!