للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمقصود أنّ الاستغناءَ عن اللَّه سببُ هلاك العبد وتيسيرِه لكلّ عسرى، ورؤيتُه غنى نفسه سببُ طغيانه، وكلاهما منافٍ للفقر والعبودية.

[تفسير الدرجة الأولى من الفقر]

قوله: "الدرجة الأولى فقر الزهاد، وهو نفض اليدين من الدنيا ضبطًا أَو طلبًا، [وإسكات اللسان عنها ذمًّا أَو مدحًا، والسلامة منها طلبًا] (١) أو تركًا، وهذا هو الفقر الذي تكلّموا في شرفه".

فحاصلُ هذه الدرجة فراغُ اليد والقلب من الدنيا، والذهولُ عن الفقرِ منها والزهدِ فيها. وعلامةُ فراغ اليد نفضُ اليدين من الدنيا ضبطًا أَو طلبًا: فهو لا يضبط يده مع وجودها شحًّا وضنًّا بها، ولا يطلبها مع فقدها سؤالًا وإلحافًا وحرصًا. فهذا الإعراض والنفض دالٌ على سقوط منزلتها من القلب، إذ لو كان لها في القلب منزلة لكان الأمر بضدّ ذلك، وكان يكون حاله الضبط مع الوجود لغناه بها، ولكان يطلبها مع فقدها لفقره إليها.

وأيضًا من أقسام الفراغ إسكات اللسان عنها ذمًّا أو مدحًا (٢) لأن من اهتمّ بأمر وكان له في قلبه موقع اشتغل اللسان بما فاض على القلب من أمره مدحًا أو ذمًّا، فإنه إن حصلتْ له مدَحَها، وإن فاتته ومُنِعَها (٣) ذمَّها.


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل وغيره بسبب انتقال النظر. وقد استدرك في "ط".
(٢) "ك، ط": "ومدحًا".
(٣) "ومنعها": ساقط من "ك، ط".